+ شراكة اقتصادية مع دول اسيا وافريقيا

بقلم كمال بن يونس

اختارت بيكين وطهران ان يقترن الاحتفال بالذكري 44 للثورة الايرانية بتنظيم اول قمة ايرانية صينية في بيكين توجت بقرارات مهمة من بينها الاعلان عن قرار الرئيس الصيني القيام لاول زيارة الى ايران ..
وكشفت السلطات الصينية والايرانية بالمناسبة عن تكريس تحالف استراتيجي بين البلدين يشمل تطوير الشراكة الاقتصادية والعسكرية و الامنية …ودعم التكتل الدولي المعروف بتحالف مجموعة ” شنغهاي ” الذي اصبح يضم تقريبا نصف سكان العالم و عددا كبيرا من دول اسيا من بينها الصين وايران وروسيا و الهند والباكستان ..
وقد ظلت ايران منذ 2008 عضوا مراقبا في هذا التحالف الدولي الاسيوي ثم اصبحت عضوا كامل الحقوق وحضرت في قمته ال22 التي عقدت في طاجكستان في 2021 .. والتي نظم على هامشها اول اجتماع ثنائي بين الرئيسين الصيني والايراني ..

و يكتسي دعم التقارب الصيني الايراني بمناسبة الذكرى 44 لثورة ً1979 اهمية خاصة ، لانه يتزامن مع ارتفاع منسوب التوتر والتنافس بين الولايات المتحدة والعملاق الصيني من جهة ومع ايران و حلفائها من جهة ثانية ..
بل لقد صدرت عن عدد من المسؤولين والخبراء الامريكان في المدة الماضية انتقادات غير مسبوقة للقيادات الصينية والايرانية، ولعدم احترام بيكين منذ 2016 لقرارات الرئيس الامريكي السابق ترامب بتشديد الحصار على ايران اقتصاديا وعسكريا ومنع التعامل التجاري معها بالنسبة للشركات والدول التي لديها علاقات تجارية واستثمارات مشتركة مع المؤسسات الامريكية ..
ويعلم الجميع ان دولا عديدة بينها الصين لم تلتزم بقرارات ” الحظر ” الامريكية وظلت تستورد قسمًا كبيرا من المحروقات من ايران بصيغ مختلفة ، بنا في ذلك عبر بواخر ايرانية تقوم ب” المقايضة ” بحرا مع بواخر صينية..

وكشفت اخر الإحصائيات الرسمية الايرانية والدولية ان نسبة الصادرات غير النفطية الايرانية نحو بلدان اسيا وافريقيا ارتفعت خلال العامين الماضيين بشكل ملحوظ واصبحت تحوم حول. 60 مليار دولار ..حوالي 20 بالمائة منها نحو بلدان افريقية …
يضاف الى كل ذلك صادرات ايران من المحروقات والتي قدرت بالنسبة للصين وحدها العام الماضي بحوالي مليون برميل يوميا ..فيما تؤكد مصادر مختلفة ان طهران نجحت في تحدي “الحصار الامريكي والغربي ” واصبحت تصدر ما قيمته عشرات المليارات من الدولارات سنويا عبر ” السوق السوداء ” و ” السوق الرمادية “.. ومن بين صادراتها مواد حديدية باعتبارها صاحبة الرصيد الدولي عالميا من حيث ثرواتها الباطنية من الحديد والمعادن ..
واجمالا يتضح ان الحصار الدولي الذي تضرر منه ملايين من ابناء الطبقات الشعبية لم يؤد الى ” انهيار الدولة والنظام “..
بل ان العكس بالضبط هو الذي حصل ..

فقد استغلت طهران الاخفاقات السياسية والعسكرية الامريكية والاطلسية في افغانستان والباكستان والمشرق العربي وتركيا لتدعم دورها الاقليمي والدولي اقتصاديا وعسكريا وسياسيا ..ولتمضي في برنامجها النووي ..
صحيح ان النفقات العسكرية والنووية مكلفة جدا خاصة في بلد مثل ايران حرمته سياسات ” الحصار الامريكي ” من توفير ما يحتاجه من قطع غيار خارج ” السوق السوداء ” و ” السوق الرمادية “…
لكن الحصار دفع المؤسسات المدنية والعسكرية والصناعية الايرانية نحو مزيد ” الاعتماد علي القدرات الذاتية” وعلى الصناعة الوطنية …فكانت النتيجة بروز عدد كبير من ” الماركات ” الايرانية في قطاعات التصنيع المدني والحربي ..

في نفس الوقت تمكنت ايران بعد عقود من ” الحروب بالوكالة ” التي تشهدها افغانستان وباكستان والدول العربية والافريقية من ان تصبح ” لاعبا جيو استراتيجيا ” في افريقيا واسيا ، وخاصة في بعض الدول العربية مثل العراق وسوريا واليمن ولبنان وفلسطين …بينما تزايد عدد المستثمرين الايرانيين في دول الخليج العربية وتركيا واسيا واصبح يقدر بعشرات الالاف …
لذلك فان عشرات الرحلات الجوية تربط ايران اسبوعيا ببلدان مثل الإمارات العربية المتحدة وتركيا والبحرين والكويت ..
ورغم حجم التوتر الخليجي الايراني في اليمن فان مسؤولين كبار من ابو ظبي والرياض والكويت تبادلوا الزيارات مع نظرائهم الايرانيين … وبدا الحديث عن ” مصالحة كبيرة بين سوريا وتركيا والعراق بدعم من طهران وموسكو …
وفلسطينيا ولبنانيا وعربيا تاكد مسار المصالحة بين دمشق وطهران مع قيادات المقاومة الفلسطينية بما فيها قيادات حركة المقاومة الاسلامية حماس القريبة من حركات الإخوان للمسلمين والاطراف التي دعمت منذ 2011 الحركات المناهضة للسلطات السورية …

وبصرف النظر عن الملاحظات والانتقادات التي توجهها عواصم دولية وإقليمية وهيئات حقوقية للحكومة الايرانية و ، فان عقودا من الحروب بالوكالة التي شنتها تلك العواصم ضد ايران فشلت في تحقيق هدفها الكبير وهو ” انهيار النظام الايراني” واجباره على ” الاستسلام” والموافقة على ” التطبيع الشامل ” مع تل ابيب على غرار شاه إيران الراحل واغلب الحكام العرب …
وفي الوقت الذي تازمت فيه الاوضاع عالميا بسبب الحرب الاطلسية الروسية في اوكرانيا وشرق اوربا ، انحازت طهران وبيكين واغلب دول ” شنغهاي ” الى موسكو …بما يعني ان مسار ” صياغة النظام الدولي الجديد ” يتاكد .. وان من بين المتغيرات القادمة تكريس التقارب بين ” الدول المغضوب عليها ” في واشنطن ، وبينها الصين وايران وروسيا …
فهل تنجح هذه الدول في تامين ” توسع نفوذها السياسي والعسكري الاقليمي والدولي ” عبر عروض اقتصادية ومالية مغرية لدول افريقيا واسيا .. تكرس اكثر تقاطع المصالح و شعارات تنويع الشركاء الاقتصاديين والعسكريين وتكريس اولويات التحرر الوطني وانجاح مشروع انضمام ايران الى ” نادي الدول النووية “؟

Envoyé de mon iPhone

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *