قالت مجلة إيكونوميست (The Economist) البريطانية إن خطر حدوث كارثة نووية في ظل تواصل الحرب الروسية على أوكرانيا لا يبدو وشيكا لكنه يبدو محتملا بشكل مقلق بعد أن تجاوز العالم بلا شك عتبة لم يعد فيها الحديث عن صدام نووي أمرا غير وارد.

ووفق تعبير الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، فإن فظائع مثل هذه “عادت الآن إلى عالم الاحتمالات”، مما يجعل فرص تصعيد الصراع الدائر حاليا لحرب نووية أكبر مما كان عليه الحال منذ أكثر من نصف قرن.

ورغم أن طرفا واحدا في الحرب لديه ترسانة نووية -تضيف المجلة- بينما الطرف الآخر الأوكراني كان يمتلكها على أراضيه إبان الفترة السوفياتية وحتى فترة قصيرة من استقلاله عام 1991 دون أن تكون له سلطة سياسية عليها، فإن أحد لا يضمن التزام الخصم الذي ليس لديه رؤوس نووية بضبط النفس، خاصة أن لدى حلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي يمد أوكرانيا بالسلاح ويحشد قواته في المنطقة الكثير من هذه الأسلحة الفتاكة.

وقد كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حريصاً على تذكير خصومه بالمخاطر النووية، حيث حذر -في خطاب متلفز مع بداية ما سماه العملية الروسية في أوكرانيا- القوى الأجنبية التي قد تحاول إعاقة تقدم الجيش الروسي من “عواقب لم تواجهها قط في تاريخها”.

ويتجلى أبسط سيناريو نووي في رؤية بوتين وهو يحاول -في حال واجه هزيمة صريحة في أوكرانيا- قلب الموازين من خلال إطلاق سلاح نووي.

وأشار كريستوفر تشيفيس، الذي شغل منصب كبير مسؤولي المخابرات الأميركية في أوروبا بين عامي 2018 و2021، أنه في العديد من عمليات المحاكاة الحربية التي أقيمت بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014، اختار الخبراء والضباط العسكريون الغربيون الذين يلعبون دور روسيا أحيانا سيناريو تفجير نووي على ارتفاعات عالية “يؤثر على منظومات الاتصال في رقعة جغرافية واسعة ويجعل الأنوار تنطفئ حتى حدود أوسلو”.

وإحدى الإمكانيات بالنسبة لروسيا في هذا الإطار هي استخدام سلاح نووي صغير وتبريره باعتباره “هجوما استباقيا” على أسلحة دمار شامل أوكرانية غير موجودة أو الادعاء بأن كييف هي من قامت باستخدامه، وستلي ذلك مطالب باستسلام غير مشروط تدعمها تهديدات بالقيام بالمزيد من الهجمات المماثلة.

وتختتم إيكونوميست بأن المزاعم الروسية الزائفة بأن أوكرانيا تمتلك مثل هذه الأسلحة قد تمهد لعملية كاذبة تستخدمها روسيا لتبرير المزيد من الانتقام القاسي، ومن شأن تكتيكات كهذه بث الرعب في صفوف المدنيين الأوكرانيين وإرسال رسالة إلى حلف الناتو بأن موسكو لا تعتزم التوقف عند أي حد، كما سيشكل ذلك “ضغطاً هائلاً على الحلف لإجبار الروس من خلال القوة على هجماتهم”، كما يؤكد أوليفر ماير، الباحث بمعهد أبحاث السلام وسياسة الأمن في هامبورغ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *