مثقفون ليبيراليون يساندون سعيد

تونس . كمال بن يونس

أكدت مصادر سياسية ونقابية أن الكشف عن رئيس الحكومة الجديد وفريقه قد يكون الثلاثاء أو الاربعاء بعد اجتماع القيادة الوطنية الموسعة لاتحاد نقابات العمال من المقرر أن يناقش ” مشروع خارطة طريق ” ستعرضه باسم المجتمع المدني على الرئيس التونسي قيس سعيد .

وتشمل هذه الخارطة حسب ملامحها الأولية التمسك ب” المسار الديمقراطي” مع ” تقديم تنازلات سياسية ” من قبل قيادة حركة النهضة وقيادات بقية الأحزاب من بينها انسحاب راشد الغنوشي من رئاسة البرلمان وخروج ” الشخصيات القيادية في الأحزاب ” من الحكومة والمسؤوليات الوطنية . كما تتضمن تعهدا من كل الاطراف أن ” لا يعطل البرلمان بعد استئنافه لمهامه بعد شهر عمل الحكومة الجديدة التي ستكون ” أكثر تناسقا مع رئيس الجمهورية “.

خلافات جديدة

من جهة أخرى فجرت الاجراءات الاستثنائية التي اعلن عنها الرئس التونسي قيس سعيد الاحد 25 يوليو أزمة سياسية غير مسبوقة داخل حزب النهضة ( اسلامي ) ، فيما دعا حوالي 130 من كوادر الحز ب ومن أعضاء ” المجلس الوطني لشباب الحركة ” إلى تغيير في قيادة الحزب المركزية وإحداث ” خلية أزمة ” تتابع المتغيرات وتستبعد” القياديين المسؤولين عن الغلطات السياسية التي تسببت في الأزمة الحالية في البلاد وفي تعثر المسار الديمقراطي في البلاد”.

وقد أكد راشد الكحلاني رئيس قطاع ” شباب الحركة ” وعضو المكتب التنفيذي المركزي في تصريح للشرق الأوسط بروز ” خلافات سياسية عميقة بعد زلزال 25 يوليو ” ، لكنه أورد أن الذين يطالبون تغيير كامل قيادة الحركة ” أقلية ” فيما تدعو ” الأغلبية ” إلى إعطاء الأولوية اليوم إلى خوض “معركة الحريات واسترجاع المؤسسات المنتخبة والبرلمان ” مع ” ادخال تغيير في القيادة والانفتاح أكثر على الشباب وعلى اصحاب الخبرة والكفاءة “.

قيادة انقاذ

وأوضح الكحلاني ، الذي ترأس سابقا النقابة الطلابية ، أن توصية المجلس الوطني لمنظمته طالب اليوم ب” احداث قيادة انقاذ” أو ” مجلس انقاذ وطني ” وتكليفه بقيادة النهضة تحت اشراف رئيسها راشد الغنوشي ، لمواجهة ” دعاة الفوضى والعنف والانقلاب على المكاسب الديمقراطية وعلى المؤسسات المنتخبة وطنيا وبينها البرلمان “.

لكن عبد اللطيف المكي الوزير السابق للصحة ونائب رئيس الحركة ، الذي يتزعم المعارضين من الداخل منذ 5 أعوام ، أورد في تصريح للشرق الأوسط أن نسبة الغاضبين من أداء رئاسة الحركة والمكتب التنفيذي الوطني كبيرة “وقد تضاعفت بعد قرارات 25 يوليو. وأوضح أنها أصبحت تدعو بوضوح” إلى أن تتحمل القيادة مسؤولية غلطاتها السياسية وسوء تقديرها للموقف وتورطها في تحالفات وقرارات خفضت شعبية الحركة ومشروعها الثقافي والسياسي .”

الموقف الأمريكي

في الاثناء تأجل في ساعة متأخرة من مساء أمس اجتماع طارئ ” لمجلس الشورى المركزي ” الذي يعتبر ” أعلى سلطة في حزب النهضة بين مؤتمري. وكان متوقعها اةتخاذ قرارات واضحة من ” الانقلاب الدستوري” والتفاعل مع ” ردود الفعل الوطنية والدولية ” بعد أن تعاقبت الدعوات الاوربية والامريكية إلى اختزال ” المرحلة الانتقالية ” في شهر واحد والى السماح المؤسسات المنتخبة وبينها البرلمان والمجالس البلدية باستئناف عملها في ظروف عادية ” في أقرب وقت “.

وقد طالب قياديون بارزون بتأجيل هذا الاجتماع خوفا من أن يكرس ” الانقسام” و” تصدع الصفوف “ويعيد إلى السطح الخلافات العميقة التي برزت العام الماضي عندما وقع نحو مائة قيادي بزعامة الوزيرين السابقين سمير ديلو وعبد اللطيف المكي بتغيير القيادة وباستصدار تعهد من راشد االغنوشي بعدم الترشح لرئاسة الحركة في مؤتمرها الذي كان من المقرر عقده موفى العام الماضي وتأجل لموفى العام الجاري ” بسبب وباء كورونا ” بتوصية من اللجنة الطبية و الصحية التي يرأسها عضو اللجنة الطبية الوطنية والقيادي في الحركة منذر الونيسي.

وقد اجتمع “المجلس الوطني للشباب” وهي المؤسسة الجامعة لشباب حركة النهضة بالأمس وناقش اقتراحات عديدة ودعا بالاجماع إلى ” تجديد القيادة الوطنية وتشريك الشباب فيها قولا وفعلا وإلى فتح باب الحوار والشراكة مع الرئيس قيس سعيد والمجتمع المدني واتحاد نقابات العمال وكل مكونات المجتمع المدني “.

20 عضوا في الكنغرس

من جهة أخرى أورد رضوان المصمودي رئيس مركز دراسة الاسلام والديمقراطية التونسي الأمريكي في اتصال هاتفي مع الشرق الاوسط أمس من مكتبه بواشنطن أنه ” متفائل بقرب انتهاء الأزمة في تونس لأسباب عديدة من بينها تصريحات وزير الخارجية الامريكي بلينكن ومساعدوه والمواقف المعارضة ل” للاجراءات الاستثنائية التي قررها قيس سعيد ” في عريضة أصدرها 20 عضوا في الكنغرس الامريكي .

وقد استقبل الرئيس التونسي مراسلين من صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية وفسر لهم في كلمة مصورة بثها الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية القرارات التي اتخذه ونفي عنها أن تكون ” انقلابا ” أو تشجيعا على الدكتاتورية والحكم الفردي.

وجاء هذا الاستقبال بعد أن نشرت وسائل إعلام أمريكية بينها نيويورك تايمز تقارير صحفية ومقالات مطولة معارضة لقرارات سعيد بينها مقال لراشد الغنوشي .

الفة يوسف و30 شخصية ليبيرالية

في المقابل أصدرت الكاتبة والأكاديمية المثيرة للجدل ألفة يوسف و30 من كبار المثقفين والسياسيين العلمانيين ، “رسالة مفتوحة إلى الرأي العام الوطني والدولي” تعلن مساندة الاجراءات الاستثنائية التي قررها قيس سعيد وتحذر من سيناريو ” العودة إلى الحوار والمصالحة مع رموز الاسلام السياسي والفساد “.

واعتبر هذه الرسالة المفتوحة أنّ “الفساد ونهب المال العامّ قد استشرى في أغلب مفاصل المنظومة السّياسيّة الّتي أصبحت قائمة على حسابات التّموقع السّياسيّ، وعلى خدمة مصالح الأحزاب وخدمة لوبيات متنفّذة دون أيّ اكتراث بمصلحة الشّعب والوطن. وهذا ما جعل دواليب سير الدّولة تتعطّل وتتفكّك.”

كما اعتبر هؤلاء المثقون والسياسيون أنّ “مجلس النّوّاب لم يعد يقوم بوظيفته التّشريعيّة، وإنّما قد أصبح ساحة لمهاترات وصراعات وعنف متبادل لا سيّما ضدّ النّساء. كما أن تسييره كان يخدم مصلحة رئيس المجلس تنفيذا لأجندا حزبه، حركة النهضة، بدلا عن خدمة مصلحة الشعب.”

وشارك في التوقيع على هذه العريضة بالخصوص المفكر والكاتب يوسف الصديق والأكاديمية والإعلامية سلوى الشرفي والشاعر المنصف المزغني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *