·      صالح البكاري في كتاب جديد في علم الاجتماع السياسي والشراكة بين تونس والرباط  

بقلم كمال بن يونس

صدر مؤخرا كتاب وثيقة أعده الاستاذ صالح البكاري الإعلامي ووزير الثقافة سابقا ثم سفير تونس في الرباط لمدة 13 عاما .

الكتاب صدر عن مؤسسة ” نظر للنشر” وطيع في ” المغاربية للطباعة والنشر” وتوزع دار سيريس ، في نسخة جميلة من 300 صفحة من الحجم المتوسط تحت عنوان :” سفيرا في المملكة المغربية “.

وقد قدم له أستاذ الفلسفة الحديثة وفلسفة العلوم في الجامعة التونسية الكاتب والمفكر حمادي بن جاء بالله تقديما مميزا في 9 صفحات .

وأبرز بن جاء بالله في تقديمه ” الرسائل العميقة ” و” الاضافات ” التي قدمها صالح البكاري خلال كتابه واعتبرأنه جاء كتابا في الادب وفي علم الاجتماع السياسي والانطروبولوجيا وعلم النفس الجمعي في نفس الوقت ، دون أن يكون أسلوبا ومضمونا ” ضربا من الأخذ من كل شيئ بطرف”.

في عهدي الحسن الثاني ومحمد السادس

الكتاب ليس مجرد شهادة عن العصر وخواطر سفير قضى 13 عاما في بلد مغاربي كبير وعاشر فيه عن قرب صناع القرار في المملكة المغربية وفي المنطقة في عهدي العاهل المغربي محمد السادس ووالده الملك الراحل الحسن الثاني ، بل قدم كذلك في فصول ستة معلومات مهمة وقراءة لتطور العلاقات التونسية المغربية والمغاربية الاوربية والدولية من خلال الدور الكبير الذي لعبته الرباط وتحركات صناع القرار في العواصم الإقليمية والعالمية .

وتميزت كل فصول الكتاب بتجنب “التشخيص” وبحرصه على عدم تضخيم ” الأنا ” ولا القضايا الخلافية بين صناع القرار وأجنحة السلطة التي كان يتعامل معها .

معلومات تاريخية وفلسفية

كما تميز الكتاب بالمراوحة بين تقديم بعض الشهادات مع التمهيد لها واثرائها بمعلومات تاريخية وثقافية وفلسفية ، تأكيدا للفارق الكبير بين ” الشاهد على العصر” الذي يكدس المعلومات دون جهد ” تأليفي وتركيبي ” وبين المثقف والمفكر والسياسي ،خريج دار المعلمين العليا ، الذي يمتلك عمقا معرفيا وله ” رؤية فكرية وسياسية ” ومواقف وطنية لا لبس فيها.

فقد مهد مثلا للفصل الخاص ب” الاتحاد المغاربي” باستعراض تجارب تاريخية ناجحة لتوحيد بلدان المغرب والاندلس بينها دولة الموحدين منذ مؤسسها المهدي بن تومرت ، الذي وظف عنصر الانتساب الى عائلة علي بن ابي طالب والرسول ونشر ” فكرة المهدية التي نسبها لنفسه بالقوة “.

ولئن كانت شهادات صالح البكاري عن العلاقات التونسية المغربية وبين الرباط ومؤسسات الاتحاد المغاربي مفيدة فإنها تبدو مهمة أكثر لأنها شملت كذلك علاقاته بسفراء العواصم الغربية و العربية والاسلامية والمثقفين والإعلاميين وكشفت كيف يمكن للسفير ” المبعد من قصر قرطاج ومن الحكومة ” بسبب بعض مواقفه من الفساد المالي و” المافيات ” يمكن أن يبقى مخلصا لبلده خدوما لمصالح دولته وشعبه.

خلافات بن علي والحسن الثاني

ويؤكد الكتاب صفحات من مسيرة الدبلوماسي والمثقف الذي ينجح في تطوير التعاون الثنائي بين بلده والبلد الذي عين فيه ، رغم الخلافات و” الحساسيات” بين العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني والرئيس الراحل زين العابدين بن علي .

وإجمالا قدم الكتاب حصيلة معارف وخبرات علمية واجتماعية وسياسية ودبلوماسية اكتسبها صالح البكاري خريج دار المعلمين العليا والأستاذ السابق في الجامعة التونسية والموظف السامي في جامعة الدول العربية ثم الوزير المستشار في رئاسة الجمهورية ووزير الثقافة والسفير .

الكتاب يستحق أن يقرأ ويناقش ، ويمكن أن توجه ملاحظات نقدية عديدة له ولصاحبه من بينها ” مبالغته في احترام قاعدة التحفظ وأخلاقيات رجل الدولة ” .

وقد تسبب ذلك في تعمده عدم الكشف عن أسماء شخصيات سياسية كثيرة تحدث عن تعامله معها في تونس وفي الرباط واكتفى بذكر وظيفتها .

لكن رغم هذا الاختيار المنهجي فقد خصص الكاتب فقرات مطولة للتنويه بشخصيات سياسية ودبلوماسية وثقافية واعلامية تعاون معها كثيرا خلال مهمته في المملكة المغربية ومشاركاته في الاحداث المغاربية والدولية التي احتضنتها ، من بينهم الاعلامي التونسي منصف السليمي وطاقم السفارة ورؤساء المكاتب التابعة لها والاساتذة محمد عمامو والحبيب بولعراس والحبيب بن يحيى الذين واكب تداولوا على الامانة العامة للاتحاد المغاربي في الرباط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *