طالبت حكومة الوفاق الليبية دولة “الجزائر” بإعادة تفعيل اتفاقية أمنية كانت موقعة معها سابقا من أجل التعاون عسكريا لمواجهة العدوان الذي تشنه قوات اللواء المتقاعد، خليفة حفتر على العاصمة، وسط تكهنات بدور جزائري مرتقب وتساؤلات عن إمكانية دخول الجزائر على خط الدعم العسكري للوفاق.

وأكد المتحدث باسم “الجيش الليبي” التابع لحكومة الوفاق، محمد قنونو أن “ليبيا تسعى لمزيد من التعاون مع دولة الجزائر، وأن رئيس الحكومة، فايز السراج دعا الجزائر، إلى تفعيل اتفاقيات التعاون الأمني بين البلدين لصد العدوان الذي تتعرض له العاصمة “طرابلس” من قبل “حفتر” وداعميه.

تفعيل التعاون

وأشار “قنونو” إلى أن “هناك اتفاقية أمنية موقعة بين البلدين تحتاج فقط إلى إعادة تفعيل، موضحا أن هناك محادثات أجراها سابقا وزير الداخلية الليبي مع الجزائر بشأن التدريبات لعناصر الأمن الليبي، وإبداء الأخيرة استعدادها لمد يد العون”، وفق تصريحاته لصحيفة “الشروق” الجزائرية.

واستغل المتحدث باسم “جيش الوفاق” الفرصة لتذكير الجزائر بالتصريحات التي أطلقها “حفتر” مؤخرا بتهديده بنقل المعارك من “طرابلس” إلى داخل الجزائر، مشيرا إلى أن “الجزائر مستهدفة من دول سماها محور الشر العربي، حسب تعبيره.

تواجد لا إبعاد

وكان المجلس الأعلى للأمن في الجزائر قد قرر مؤخرا إعادة تفعيل دور بلاده دوليا في ملفات أبرزها ملف “ليبيا، في حين أكد الرئيس الجزائري الجديد عبد المجيد تبون أن “الجزائر أول وأكبر المعنيين باستقرار ليبيا، ولن نقبل أبدا بإبعاد بلادنا عن الحلول المقترحة للملف الليبي”.

 

ووقعت ليبيا مع الجزائر اتفاقية أمنية في أوت 2001، يتعلق بمكافحة الإرهاب وحفظ الاستقرار، وجرى تحديثه خلال انعقاد الدورة الثانية للجنة الأمنية المشتركة في فبراير 2012، ليتماشى مع التحولات الجديدة التي شهدتها ليبيا.

ويبقى السؤال: هل ستدخل “الجزائر” على خط الدعم العسكري لقوات “الوفاق” الليبية؟وما نتائج ذلك؟
“دعم لوجستي فقط”.

من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي، السنوسي إسماعيل الشريف إن “الدستور الجزائري يمنع تدخل الجيش خارج الجزائر، لكن هذا لايعني عدم إمكانية تقديم الدعم بوسائل أخرى عديدة؛ يمكن توقع أشكال ذلك الدعم في تقديم التسهيلات اللوجستية للقوات البحرية والجوية التابعة للوفاق أو لأي قوات لدول داعمة للحكومة”.

وأكد في تصريحات  أنه “من الصعب تصور أن تتخذ حكومة “الجزائر” موقفا حياديا بعد أن تجاوزت الدول الإقليمية كل الأسس الجيوسياسية بدعمها انتقال الصراع إلى الجهة الغربية المتاخمة للجزائر والتي تمثل مجالها الحيوي فيما يتعلق مثلا باستثمارات شركة “سوناطراك” في الغاز والنفط”، حسب معلوماته.

وتابع: “كما تمثل ليبيا العمق الإستراتيجي للأمن القومي المغاربي بشكل عام والجزائري بشكل خاص وكمثال على ذلك تحركات التنظيمات المتطرفة “داعش والقاعدة وبوكو حرام” في الحدود المشتركة بين الجزائر ومالي والنيجر وليبيا ومحاولة تلك التنظيمات إيجاد ملاذات آمنة في الجنوب الليبي غير بعيد عن الحدود الجزائرية الليبية”، كما صرح.

دور تهديدي

وبدوره رأى الناشط السياسي الليبي المقيم في الولايات المتحدة الأميركية، قدور سعيدي أن “هناك بعض التغيرات في الموقف الجزائري بقدوم رئيس جديد وخروج الدولة من مرحلة اللاتوازن التي كانت تعيشها، وهناك استنفار أمني عسكري كبير على الحدود الليبية الآن وهو بمثابة الاستعداد لكل الاحتمالات” .

وأشار في تصريح لـه إلى أنه “من المتوقع أن تلعب الجزائر دور “تهديدي” غير معلن ضد القوى الساعية لفرض “حفتر” وعلى الخصوص مصر وفرنسا ولكن استبعد دخول علني مباشر كما فعلت دولة تركيا، ورغم أن الجزائر لها موقف قديم معلن وهو عدم التدخل المباشر في قضايا دول الجوار إلا أنه قد يتغير إذا اختلطت الأوراق بشكل كبير وخاصة إذا كان هناك رد مصري “متشنج” الاتفاقية مع “تركيا”.

 

وأكد أن “الجزائر وكونها تمتلك مؤسسة عسكرية قوية تستطيع إيقاف التلاعب المصري والإماراتي بشكل سريع وخاصة بالتنسيق مع الأتراك، إذا ما توفرت الإرادة السياسية في الجزائر وهو ما ستوضحه الأيام القادمة”، كما توقع.

واجب إقليمي

الناشط المدني من الجنوب الليبي، إسماعيل بازنكة قال إن “مطالبة حكومة الوفاق من نظيرتها الجزائرية بتفعيل الاتفاقية الأمنية الموقعة بين البلدين في سنة 2001 هو أمر طبيعي، كونه من حق الحكومة الشرعية الممثلة للشعب الليبي أن تطلب من شركائها الدوليين والإقليميين خصوصا الأشقاء في الجزائر تقديم يد العون”.

وأوضح أن “التقارب والطلب من الجزائر جاء الآن كونها دولة جارة وشقيقة وأن موقفها واضح من عدوان “حفتر” على العاصمة الليبية، لذا يجب على الجزائر أن تستجيب للتطورات التي تحدث في المنطقة وتقوم بواجبها ودورها الإقليمي خاصة في الملف الليبي”، وفق تصريحه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *