أكد المشاركون في منتدى انتظم أمس السبت بالعاصمةتحت عنوان “الاستثناء التونسي والوحدة الوطنية.. المكاسب والتحديات والآفاق”، على ضرورة تسريع الإجراءات الخاصة بالمصادقة على مشروع قانون المصالحة الاقتصادية، معتبرين أنه يعد “أساسا لإعادة بناء الوحدة الوطنية”.

واعتبر بيان الندوة، التي نظمتها “جمعية البرلمانيين التونسيين” و”المؤسسة العربية والإفريقية للبحوث والدراسات الإستراتيجية/ إبن رشد”، أن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها تونس اليوم هي “أعمق بكثير من الأزمات السابقة، لأن أزمة اليوم متزامنة مع الحرب على الإرهاب ومع أوضاع إقليمية وعالمية متغيرة”.

وخلال الندوة لاحظ رئيس جمعية البرلمانيين التونسيين، جمال الدين خماخم، أن الحوار الجاري حاليا بين الأطراف السياسية في تونس هو “حوار ظرفي”، ودعا إلى “حوار شامل بينها لنسيان آثار الماضي والتوافق وطنيا حول المصالحة “التي قال إنها “أساس الوحدة الوطنية”.

أما أستاذ التاريخ عبد اللطيف الحناشي فتعرض من جهته إلى تجربة التوافق بين تيارات سياسية وفكرية ونقابية في مؤتمر ليلة القدر (فيفري 1946) والذي عرف لاحقا بـ “مؤتمر الاستقلال”، مؤكدا أنه “مثل تجربة من تجارب تونس الناجحة حول ميثاق وطني”.

من جهته اعتبر القيادي بحزب “نداء تونس”، عبد الرؤوف الخماسي، أن التوافق الذي حصل في باريس عام 2013 بين رئيس حزبه حينها، الباجي قائد السبسي، ورئيس حزب النهضة، راشد الغنوشي، “خلق توازنا في تونس، أنجز بدوره استثناء “، مؤكدا أنه لا مجال اليوم ” للرجوع عن سياسة التوافق بمساهمة مختلف العائلات السياسية”.

أما وزير الخارجية الأسبق وعضو مجلس شورى “حركة النهضة”، رفيق عبد السلام، فقال من جهته إن تونس ذهبت بانتهاجها سياسة التوافق ” في الاتجاه الصحيح واختصرت الجهد والوقت على الثورة التونسية التي جاءت لإصلاح الإخفاقات والبناء على مكتسبات وانجازات دولةالاستقلال”، حسب تعبيره.

أما نور الدين العرباوي، رئيس المكتب السياسي للنهضة فلاحظ أن حركته تغيرت بعد مؤتمرها العاشر (ماي 2016) وتخلت عن “الاحتجاج” وأصبحت تطرح نفسها “كخيار ورافعة للواء الإسلام الديمقراطي “، على حد قوله.

أما الناشطة الجمعياتية سنية الزكراوي فأكدت في مداخلتها على أهمية إعادة ثقة التونسيين في النخبة السياسية وفي السلطة السياسية وتجاوز مرحلة “النشوة السياسية” والتجرؤ على الحسم ومعالجة جملة من الظواهر على غرار ظاهرة الفساد.

من جهته اعتبر زهير المظفر (جامعي ووزير أسبق في عهد بن علي ومسؤول سابق بحزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل)، في مداخلة له في المنتدى، أنه في “غياب المصالحة الوطنية الحقيقية فإنه لا وجود لاستثناء تونسي” وأن الحديث عن عودة محتملة للتجمعيين “كذب وافتراء ” لأن هذا الحزب “انحل كما أن النظام السابق أصبح بائدا “، بحسب تعبيره.

وقالالمظفر إن التوازن الجديد بين العائلات السياسية الأربع في تونس، هو بين “الدستوريين والنهضاويين “. كما دعا إلى المبادرة بتعديل الدستور التونسي الحالي (صدر في جانفي 2014) والعودة إلى “النظام الرئاسي البعيد عن الهيمنة والمبني على التوازن”، حسب قوله.

ولاحظ المظفر أيضا أن التوافق السياسي الذي حصل في تونس في صيف 2013 كان “استثناء هشا نظرا لأن المصالحة الوطنية غير مبنية على قاعدة صلبة ولوجود نسبة عالية من الحقد والضغينة بين التونسيين”، حسب تعبيره.

وحضر الندوة نواب بالبرلمان وجامعيون وناشطون في المجتمع المدني ووزراء سابقون وحاليون ومسؤولون في أحزاب سياسية من بينهم راشد الغنوشي.

وبعد ساعات من المحاضرات والنقاش المفتوح أوصى المشاركون بما يلي:

أولا: دعم الحوار بين كل القوى السياسية الوطنية والمؤمنين بأولوية الوحدة الوطنية ، خدمة لمصالح البلاد العليا وتفاعلا مع مشاغلشباب تونس وتطلعاته وعلى رأسها التشغيل وانهاء التهميش وانجاز الانتقال الديمقراطي السلمي دون اقصاءات.

ثانيا :تشجيع الحوار بين كل الوطنيين المؤمنين بالديمقراطية والحداثة بمختلف تياراتهم وانتماءاتهم الفكرية والسياسية والحزبية دون اقصاءات.

ثالثا : دعم مسار الإنصاف والمصالحة الوطنية وتفعيل قانون المصالحة المعروض على مجلس النواب بعد تعديله وأخذ جميع الملاحظات والاقتراحات بعين الاعتبار.

رابعا : التوجه بالشكر إلى كل الأطراف السياسية الحزبية وممثلي قوى المجتمع المدني التي شاركت في الندوة ، مع الدعوة إلى توسيع الحوار الوطني حول القضايا التي طرحت فيها تمهيدا لمصالحة وطنية شاملة تعود بالنفع على البلاد وتجنبها سيناريوهات العنف والفوضى والإرهاب.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *