• تفعيل مشاركة تونس في القمم الافريقية الدولية
  • هل تكون الأسواق الإفريقية بوابة إنقاذ تونس من أزمتها الاقتصادية ؟
  • تطوير النقل البري والبحري والجوي وتنويع الشركاء الاقتصاديين
  • * دعم الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الارهاب

 

 منية العيادي

 

على هامش المسار الانتخابي و دعما للانتقال الديمقراطي ومواكبة للمتغيرات الاقليمية و الدولية في تونس و افريقيا و تزامنا مع تعيين تونس عضوا في مجلس الأمن الدولي ، نظم منتدى ابن رشد للدراسات و منتدى المبادرات الافريقية بتونس والمنتدى المتوسطي ضد العنف والتطرف والاتجار بالبشر يوم 26 سبتمبر 2019 ملتقى دوليا تحت عنوان : ” التحديات الديمقراطية و الأمنية و التنموية في تونس و افريقيا “.

و شارك في الملتقى مسؤولون و خبراء و حقوقيون و سياسيون و عسكريون و مختصون في الدراسات الاقتصادية و الجيواستراتيجية في تونس و أووربا و افريقيا و الدول المغاربية و العربية إلى جانب ممثلين عن المجتمع المدني و الهئيات الشبابية  .

الارهاب و التهريب

وقد افتتح الملتقى بمداخلة علمية قدمها العميد مختار بن نصر رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الارهاب في رئاسة الحكومة الذي قدم بالمناسبة عرضا منهجيا عن استراتيجية اللجنة في مجالات الوقاية من التطرف ومحاربة الارهاب محليا بالشراكة مع الاطراف الوطنية والافريقية والدولية .

وقدم الاميرال محمد المؤدب المدير العام السابق للامن العسكري في وزارة الدفاع الوطني والمدير العام السابق للديوان مداخلة علمية عن العلاقة بين ظاهرتي الارهاب والتهريب واولويات الامن القومي الحالية التي يينبغي ان تكون على رأس سلم أولويات صناع القرار في تونس بمناسبة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمتغيرات الجيو الاستراتيجية التي تشهدها دول المنطقة .

وقدم الباحث في التاريخ والشؤون الامنية الدكتور علية العلاني قراءة عن مستجدات ملفات الامن والارهاب والتهريب في تونس وافريقيا وخاصة في دول الساحل والصحراء . ودعا الى تعميق فهم الاسباب العميقة للظواهر الامنية وانعكاساتها على الاوضاع الاقتصادية والامنية وعلى مسار الانتقال الديمقراطي محليا ودوليا .

النقل البحري و المشاركة في القمم الافريقية و الدولية

و قد كان من بين المتدخلين في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر كاتب الدولة لدى وزير الخارجية السيد صبري باشطبجي الذي شدد باسم وزير الخارجية السيد خميس الجهيناوي على ثوابت السياسة الخارجية التونسية . واعتبر أنه على الجميع أن يأخذ بعين الاعتبار الركائز الأساسية لأي دولة و هي الأمن و الديمقراطية و التنمية من أجل تقدمها فليس هنالك تنمية أواستثمار دون أمن وديمقراطية حقيقية.

و تطرق باشطبجي إلى مسألة توجه تونس نحو الاستثمار في افريقيا و أفاد أنها وضعت اليوم البعد الافريقي في مساره الصحيح بعد أن كانت ” الأنظار موجهة أساسا  نحو أوروبا و بالتالي فواجبنا اليوم فتح سفارات جديدة..لأن العدد القليل للسفارات التونسية بالقارة الافريقية لا يسوّق لحضور اقتصادي تونسي بارز..” 

و أضاف  باش طبجي أن تونس تعمل اليوم على  توفير خط جوي إضافة وخط بحري يربطانها قريبا بالمناطق الجنوبية للقارة الافريقية .

و قال إن دخول تونس في اتفاقية السوق المشتركة لشرق و جنوب إفريقيا (كوميسا) سيسمح بتوفير أرضية قانونية لإجراء اتفاقيات كبيرة و الدخول في فضاءات فيها أكثر من 600 مليون مستهلك.

كما أعلن كاتب الدولة للخارجية أن تونس شاركت في القمة الافريقية اليابانية التي عقدت في اوت بطوكيو وستشارك في القمة الافريقية الروسية التي سوف تنظم في موفى اكتوبر في روسيا وفي القمة العربية الافريقية التي سوف تعقد موفى العام في الرياض .

الاسثناء الديمقراطي التونسي ؟

و في مداخلته قال رئيس منتدى ابن رشد للدراسات الأستاذ كمال بن يونس إن الاهتمام يتواصل اقليميا و دوليا بما وصف ب”الاستثناء الديمقراطي التونسي” رغم الانتكاسة الشاملة في بقية دول “الربيع العربي” و استفحال الأزمات الأمنية و السياسية و الاقتصادية فيها و اندلاع حروب مدمرة في بعضها في علاقة بالمتغيرات الجيواستراتيجية خاصة في دول الساحل و الصحراء الافريقية و الحروب بالوكالة التي عمقت معاناة الشعوب العربية عوض أن تساهم في تحسينها و توشك أن تورط النخب و السياسيين و عموم المواطنين في مزيد من المعارك الهامشية و حروب الاستنزاف طويلة المدى .

و تابع :” إلا أنه من ناحية أخرى لا يمكن أن ننكر أن الحراك الشعبي لم يكن ظاهرة خاصة بتونس بل شمل أغلب الدول العربية و الافريقية و الآسيوية و رغم تعثر المسار الديمقراطي محليا و عربيا فإن هناك مؤشرات عديدة تؤكد أن التغيير في اتجاه تحقيق كرامة المواطن و حرياته سينتصر على المدى المتوسط و البعيد عربيا واسلاميا وافريقيا” .

و أضاف بن يونس أن الحراك الشعبي من أجل التعددية و الحريات و الإصلاح و التنمية و التقدم لم يبدأ مع ثورات الربيع العربي حيث شهدت تونس و الدول العربية و الافريقية طيلة العقود الماضية تجارب مختلفة من توسيع هامش الحريات و التعددية الفكرية و الحزبية و المشاركة السياسية .

كما أشار إلى أنه لا يمكن تفسير نجاحات الدول و الأطراف السياسية و اخفاقاتها بعامل وحيد فقد تعثرت مسارات الانتقال الديمقراطي و السياسات التنموية في تونس و العالم و بلدان المنطقة لأسباب ذاتية أو محلية و أخرى خارجية أو دولية

امكانيات  هائلة للاستثمار

أما الباحث و الخبير في الشؤون الليبية و الافريقية بشير الجويني فقد تحدث عن أهمية التوجه نحو السوق الافريقية و اعتبر افريقيا منجما و خزان فرص اقتصادية و امكانيات هائلة للاستثمار من ناحية المساحة و الموارد الطبيعية المتاحة مضيفا أن افريقيا تعتبر مجالا مستقبليا لنمو الاقتصاد العالمي خصوصا و أن مؤشر النمو في بعض الدول الافريقية فاق 10 بالمائة.

و شدد على ضرورة إعادة النظر في علاقتنا بافريقيا و الدول الافريقية باستهداف الأسواق الافريقية و تحريك آلة الديبلوماسية الاقتصادية نحو مزيد اكتشاف و اقتحام العمق الافريقي و البحث عن فرص و آفاق واعدة للاستثمار هناك خصوصا و أن الدول الافريقية تتوفر على امكانيات هائلة للاستثمار في مختلف المجالات و من شأن تعزيز الاستثمار التونسي هناك أن يوفر لتونس سوقا استهلاكية ضخمة للمنتجات و السلع التونسية و الخدمات.

و قال إن تونس يجب أن تغتنم فرصة تحفيز رجال الأعمال و الفاعلين الاقتصاديين خاصة و أنها لديها من الكفاءات و الخبرات ما يجعلها قادرة على تقديم الاضافة في مجالات الصحة و الصناعات الغذائية عبر نماذج انتاج غذائي مثل توفير الغذاء في إطار الاقتصاد الاجتماعي التضامني إضافة إلى المجال الرقمي و غيرها من المجالات المتطورة.

و أضاف الجويني أن عددا كبيرا من السكان في افريقيا غير مندمجين في الدورة الاقتصادية المالية و افريقيا هي الأولى عالميا لتنقل الأموال عبر الهواتف الجوالة و بالتالي فهي فرصة ستكون ناجعة جدا في المقاربات الذكية في التصنيع .

كما أشار إلى أن افريقيا ستمثل سوق شغل كبيرة جدا للشباب داعيا إلى ضرورة التركيز على الاستثمار في الشباب . 

الشباب و المخدرات و التأشيرة

من جهتها اعتبرت الحقوقية و الناشطة في المجتمع المدني فاطمة كمون أن افريقيا رغم احتوائها لِكمّ هائل من الموارد الطبيعية و البشرية إلا أن لديها عديد المشاكل و أغلبها تتعلق بالاتجار بالبشر و انتشار الدعارة و المخدرات حيث تمثل محطة عبور من دول شمال افريقيا مرورا لاسبانيا فأمريكا اللاتينية .

و أضافت أن افريقيا غنية بثرواتها و لكنها فقيرة في مستوىى دخل شعوبها مما جعل نسبة كبيرة جدا من الشباب يفضل الهجرة نحو أوروبا لأن عديد البلدان الافريقية لم تقم باستغلال هذه الثروات مما يدفع الشباب إلى انتهاج طريق الهجرة غير الشرعية و اختيار أوروبا كملاذ رغم الظروف و الصعوبات التي يواجهها .

و أشارت كمون إلى أن افريقيا تفتقد إلى الشركات التحويلية و إلى الشهائد العلمية كما أنها تعاني من الصراعات المسلحة و هو ما يحول دون في إرساء سكانها لمشاريعهم و تحقيق انجازات اقتصادية .

كما شددت على ضرورة تسهيل التأشيرات دخول مواطني دول افريقيا الى تونس مشيرة إلى أن المبادرة الوحيدة هي تلك التي قام بها الرئيس السابق المنصف المرزوقي الذي ألغى التأشيرة مع 4 دول افريقية .

 ” داعش” و اجهاض المسار الديمقراطي و التنمية

و قدم الخبير في الدراسات الاستراتيجية و الشؤون العربية و الاسلامية ببروكسيل سيباسيان بوسوا مداخلة حول الأمن في شمال افريقيا و الدول العربية و أوروبا و تداعيات تنظيم داعش على المنطقة .

و أشار بوسوا إلى أن التنظيم لا يزال قائما رغم دحره عسكريا و مازال خطره يهدد قرابة 40 دولة ينتشر فيها هذا التنظيم الذي لا يزال ينفذ الهجمات و لا تزال عناصره النشطة ترتكب الجرائم ضد الشعوب في العالم و يمتلك هذا التنظيم ثروة مالية كما أنه يبحث دائما عن زيادة مداخيله التي يستخدم جزء منها في تنفيذ هجمات إرهابية.

و دعا سيباستيان بوسوا إلى تعزيز حماية المساجد و الكنائس من الضربات الإرهابية خاصة بعد الهجمات الأخيرة على عدد كبير من المساجد و الكنائس في الدول العربية و الأوروبية.

واورد سيبستيان أن التنظيم يحاول استغلال كل فرصة ليقول بأنه حاضر و لم يهزم و هو يحاول استقطاب و تجنيد كل من يعانون من الفقر و التهميش و اليأس لنشر الأفكار المتطرفة .

و يرى بوسوا أن رياح الأمل و الحرية في منطقة الشرق الأوسط بدأت مع بداية الربيع العربي في العام 2011، و كانت تبشر بأمور أفضل. أما اليوم فباستثناء بعض الدول التي نجت بأعجوبة كتونس، و لكن “تحت المساعدة و في ظل التأثير (الخارجي)”، فإن الآمال التي رفعتها بعض الدول التي شهدت ثورات منتصرة، قد تبخرت”.

البديل عن الهجرة نحو اوربا..

و من بين المتدخلين الأجانب أيضا الحقوقية و الاعلامية الاسبانية والخبيرة لدى الاتحاد الاوربي ريجينا لاقونا التي شددت على معالجة ملف الهجرة القانونية وغير القانونية عبر خطة اوربية متوسطية تؤدي الى توفير ملايين مواطن الشغل لشباب بلدان جنوب المتوسط في بلدانهم .

واشارت الجامعية الاسبانية والخبيرة لدى الاتحاد الاوربي في بروكسيل أن بعض الاطراف المتطرفة في اوربا عرقلت مشاريع طموحة قررتها سابقا مؤسسات اوربية لدعم اقتصادية دول جنوب المتوسط والقارة الافريقية حتى يكون البديل عن الهجرة غير القانونية تحقيق مزيد من مشاريع التنمية والتشغيل في بلدان الجنوب.

الأولوية للتنمية أم للديمقراطية ؟

الخبير الاقتصادي والمدير العام السابق لمؤسسة سيريس للدراسات  الاقتصادية والاجتماعية رضا الشكندالي اعتبر أن النجاح في الانتقال الديمقراطي مرتبط بحسن إدارة العلاقة بين التنمية و الديمقراطية و اعتبر أن تونس فضلت أن تتبع اتجاه ” الديمقراطية ” قبل التنمية بينما الدول التي نجحت في الانتقال الديمقراطي مثل الشيلي و البرازيل و بعض دول أوروبا الشرقية  وازنت في العلاقة بين الاقتصاد و التغيير السياسي ما جعل التطور الاقتصادي و السياسي يسيران بشكل متواز.

و أضاف الاستاذ رضا الشكندالي أنه في فترات الانتعاش الاقتصادي يصبح المجتمع أكثر انفتاحا و ديمقراطيا أما في حالات الركود و عدم الاستقرار فيصبح المجتمع أكثر توترا و عنفا و هدفا سهلا للمجموعات الارهابية التي تسعى إلى استقطاب الشباب المفقر و المهمش و العاطل عن العمل الذي يبحث عن مصدر رزق بأية طريقة مشيرا إلى أن الديمقراطية توفر الإطار المحفز للتنمية و هذه الأخيرة تخلق مناخا جيدا لتطور الديمقراطية .

وفي ختام الاشغال نظمت ورشة نقاش عام واستصدار توصيات لصناع القرار في تونس ودول القارة الافريقية لتكريس تداخل اولويات الانتقال الديمقراطي والامن والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *