عزيزة بن عمر 

الصورة التي أبهرت العالم و دخلت بها تونس نادي الدول الديمقراطية  أنها صورة المناظرة التلفزيونية الأولى في العالم العربي  صورة تسوّق لتونس في الخارج أفضل من مئات الملايين الصورة تنزع صفة القداسة عن الرئيس في الوطن العربي ،، الرئيس ليس إله أو نصف إله بل هو موظف سام يقدم برنامجه و يسائله الشعب و الصحفيين.

انطلقت الفكرة من جمعية مناظرة الألمانية المختصة في الحوارات السياسية و مديرها بلعباس بن كريدة وهو ألماني من أصل جزائري و تفاعلت معها التلفزة الوطنية التي وظفت طاقاتها للحدث باشراف هيئة الاتصال السمعي البصري و هيئة الانتخابات .

فقبل ثمانية أيّام من الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسيّة، نظّمت تونس ليل السبت/ الأحد (8/7 سبتمبر 2019) أول مناظرة تلفزيونية لمرشحي الرئاسة في تونس، تعد الأولى من نوعها في البلد الذي يوصف بـ”الاستثناء” من بين بلدان الربيع العربي. و تجري المناظرات بين مرشحي الرئاسة الـ26، على ثلاث مراحل، و جرت الثانية أمس الأحد و الثالثة اليوم الإثنين.

و تمّ توزيع المرشّحين للتناظر خلال ثلاث أمسيات، ثمانية السبت و تسعة الأحد و ثمانية الإثنين، و ذلك لمدة ساعتين ونصف ساعة لكلّ مناظرة تحت عنوان “الطريق إلى قرطاج. تونس تختار”، وبُثّت المناظرات على 11 قناة تلفزيونية بما في ذلك القناة الوطنية الأزلى و الثانية  و عشرون إذاعة. كما سيُعاد بثّ المناظرة على قنوات عراقيّة و جزائريّة و ليبيّة .

ردود الفعل على المناظرات بين مرشحي الرئاسة : 

علق المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي ” لمغرب نيوز” على فكرة المناظرة قائلا إنها فكرة جيدة “و أعطت جزءا من الثمرة المنتظرة منها” كما ،أنها شهدت  تطوراً واضحاً في لغة الخطاب ما عكس استعداد المرشحين لهذا الحدث

متابعا “غير أن المضامين لم ترتق إلى حقيقة مهام رئيس الجمهورية، فتحولت المناظرة إلى استعراضات إنشائية و التزامات لا تمت بصلة إلى ما يوكله إليه الدستور من صلاحيات، و عمد أكثر من مرشح إلى تقديم نفسه و كأنه الرئيس المنقذ الذي سيخرج البلاد من الفقر والبطالة والدين العام، وسيطور التعليم والصحة والاقتصاد، ويخلص البلاد من التبعية الاقتصادية والسياسية، حتى أن بعضهم هدد بإيقاف كل المعاهدات مع فرنسا إذا لزم الأمر، بينما بدا آخرون وكأنهم يتحدثون عن بلد آخر غير تونس.

من جهته قال المحلل السياسي محمد بوعود ” لمغرب نيوز ” أن هناك خللا في طرح الأسئلة على مرشحي الرئاسة التونسية خلال المناظرات ، موضحا  أنه من غير المعلوم هل هي مناظرة أم مجرد تقديم للمترشحين، لأنه  لم نلاحظ تفاعلا بين المرشحين الثمانية الذين حضروا المناظرة أمس، مشيرا إلى أنها مجرد تعريف بالنفس و البرنامج الانتخابي لكل مرشح.

و قال الباحث السياسي، عبد الرؤوف بالي،  إن المناظرات تعد صورة من الأشكال الجيدة التي تقدم  الأفكار ليكون الناخب قادرا على الاستماع للمرشحين وتقيمهم في هذه الشكل الصحفي الجديد الذي تشهده تونس للمرة الأولى

و اتسمت المناظرة الأولى، بآراء كثيرة حول الشكل والمضمون، فهناك من اعتبرها ضمن الحوار الجيد لتقديم المرشحين للحديث عن أفكارهم وبرامجهم ووعودهم الانتخابية دون الدخول في أجواء سياسية..

من جانبه قال رئيس نقابة قنوات التلفزيون الخاصة الأسعد خضر، “في العالم العربي، في أغلب الأحيان عندما نتحدّث عن المنافسة، نعرف من سيفوز في النهاية بنسبة 99,99% من الأصوات. أما اليوم فنحن لا نعرف من سيفوز”. و في الواقع، يصعب التكهن بنتائج الانتخابات الرئاسية التونسية، مع هذا العدد الكبير من المرشحين و البرامج والقضايا التي يصعب حصرها في بعض الأحيان.

و يقول الإعلامي زياد كريشان “التونسيون لم يحسموا رأيهم. الأرجح أن يكون للمناظرات الثلاث دور في التأثير على قرارهم بشأن بعض الأمور، و قد يغيّر بضعة آلاف توجّه البلاد بصورة جذريّة”.

و بدا روّاد مواقع التواصل الاجتماعي منقسمون بين محتفلين بهذا الحدث و مستائين من غياب حوار حقيقي بين المرشحين المتناظرين. إذ يعزو بعض مستخدمي شبكات التواصل الإجتماعي “برودة” النقاش إلى طريقة “مدرسية” في تقديم الأسئلة، و كانت إجابات المرشحين تتم بشكل روتيني، مما جعل مدة المناظرة (ساعتين ونصف) خالية تقريبا من اللقطات المثيرة أو النقاشات المباشرة بين المرشحين، ما عدا بعض الحالات المحدودة

أشخاص يشاهدون مناظرة تلفزيونية بين المرشحين للرئاسة في مقهى بوسط تونس ، تونس ، 7 سبتمبر 2019. 

أسماء غير ثقيلة لكن أكثر سخونة:

و قال محللون لم تأت المناظرة الثانية بنتائج كبيرة و قوية، مقارنة بالمناظرة الأولى التي شاركت فيها أسماء من الوزن الثقيل على غرار مرشح حركة النهضة عبد الفتاح مورو والرئيس الأسبق المنصف المرزوقي ورئيس الوزراء السابق مهدي جمعة والمرشحة عبير موسي، لكنها كانت أكثر سخونة منها وغير مملة، حيث تميزت بتراشق كلامي واتهامات ضمنية وعلنية متبادلة بين المتنافسين، حاول من خلالها كل مرشح تسجيل نقاط ضدّ خصمه.

 مناظرة اليوم الأول باردة في بعض جوانبها : 

كتب الأستاذ بولبابة سالم بعض الملاحظات التي يمكن من خلالها تطوير المناظرة ، قائلا بدت المناظرة الأولى باردة في بعض جوانبها بسبب القيود التنظيمية الصارمة و الضغوط الرهيبة على الجميع من فريق إعداد و تلفزات و الشخصيات المترشحة لأنها التجربة الأولى التي يراد لها أن تنجح.
تعود برودة النقاش إلى الطريقة المدرسية في تقديم الأسئلة و الشبيهة بالاختبارات الشفوية ، كما نلاحظ غياب التفاعل و الردود بين المترشحين عدى التلاسن بين منصف المرزوقي و ناجي (حول المياه و البحر) ،،، هذا النقاش كاد يجعل المناظرة أكثر ثراء و ترتقي بالحوار و تزيد في شد انتباه المتابعين .
من ناحية اخرى كان يمكن ترك باب المحاججة و الجدل بين المترشحين لتجنب التعويم في الأجوبة و لابراز القدرة على الإقناع و قابلية الوعود و البرامج للتفعيل .
لا نريد مناظرة شبيهة بالقمم العربية حيث يلقي كل رئيس كلمته التي يعدها سلفا دون روح ،، المناظرة فيها حركة و تعبيرات في الجسم و انتقادات لنقاط ضعف الخصم و خطابة و حضور قوي  وهو ما يجب تداركه بسرعة .

 

 المناظرة الأولى كانت يوم السبت 7 سبتمبر 2019 :

شارك فيها المنصف المرزوقي – محمد عبو- عبد الفتاح مورو – عبير موسي – عبيد البريكي – نادي جلول – مهدي جمعة – عمر منصور و غاب عنها المرشح نبيل القروي  الذي أودع السجن بتهم تتعلق بالتهرب الضريبي.

وتعليقا على غيابه، نشر القائمون على حملة القروي تغريدة على لسانه: ” حرموني هذا المساء من حقي الدستوري في التعبير عن رأيي أمام الشعب التونسي. ثم يتحدثون دون خجل عن انتخابات شفافة وديمقراطية في غياب مبدأ المساواة في الفرص”.

 المناظرة الثانية كانت يوم الأحد 8 سبتمبر 2019 :

شارك فيها محمد لطفي المرايحي – حمادي الجبالي – محسن مرزوق -محمد الصغير نوري -الهاشمي الحامدي – حاتم بولبيار – الياس الفخفاخ – عبد الكريم الزبيدي – منجي الرحوي

 

Résultat de recherche d'images pour "‫المناظرة الثانية‬‎"

المناظرة الثالثة اليوم الإثنين 9 سبتمبر 2019: 

سيشارك فيها يوسف الشاهد و قيس سعيد و الصافي سعيد  و حمه الهمامي و سيف الدين مخلوف و سعيد العايدي و سلمى اللومي، في حين لن يشارك المرشح سليم الرياحي لوجوده خارج البلاد، بسبب ملاحقات قضائية في قضايا فساد ماليL’image contient peut-être : 8 personnes, personnes souriantes, texte.

بين معاني الفخر و التباهي بهذه الحالة المتفردة في المحيط الإقليمي العربي و الإفريقي و النقد للمناظرة توزعت انطباعات التونسيين الذين اجتمعوا حول القناة العمومية التي بثت هذه المناظرة للاستحقاق الانتخابي المنتظر في 15 سبتمبر الجاري.

و إذا كانت فكرة المناظرات جيدة على إطلاقها وهي تجربة تخاض في الديمقراطيات العريقة ويتابعها الناخب باهتمام كبير ليقارن بين الأطروحات والمقاربات المختلفة والمتناقضة التي يقدمها المرشحون، وهي تساعده على الاختيار الرصين بينهم، فإنها في التجربة التونسية التي مازالت جنينية تحمل الكثير من الهنات التي لاحظناها في المناظرة الأولى و الثانية وفق الملاحظين .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *