كمال بن يونس

 ( منتدي ابن رشد للدراسات ) 

 

اذ نجتمع اليوم بمناسبة أربعينية الفقيد الكبير المناضل الطلابي والحقوقي والناشط السياسي الوطني الإسلامي عبد الرؤوف بولعابي ، فإننا نعيد فتح ملف جيل كامل من الشباب التونسي والعربي من  مؤسسي الحراك الشبابي الذي أثر في مسار الأحداث في الجامعة والبلاد في السبعينات والثمانينات ، ثم لعب في المسارات اللاحقة وصولا إلى مرحلة ما بعد اندلاع الثورات العربية في 2011.

في أربعينية عبد الرؤوف بولعابي :  ندوة فكرية عن الجامعة التونسية أواخر السبعينات و مطلع الثمانينات و قضايا التحرر الاجتماعي و الوطني

  • واذ انشغل السياسيون في تونس وفي الوطن العربي بالاحداث الانية وضغوطاتها عن كتابة تاريخ الحراك الشبابي في النصف الثاني من القرن الماضي ومطلع القرن الحالي ، فلا يمكن فهم الفسيفساء الفكرية والسياسية الحالية دون تجميع سرديات ذلك الحراك واعداد قراءات علمية وموضوعية بعيدا عن كل اشكال التوظيف ودون تحميل الحقبات التاريخية الماضية أكثر مما تتحمل .
  • في هذا السياق يمكن أن نسجل بالخصوص ما يلي :

–       أولا أن تيار الهوية اثر بمختلف مرجعياته الفكرية في الحراك الشبابي والسياسي الوطني في عهدي الاحتلال الاجنبي ثم في مرحلة بناء الدولة الوطنية الحديثة .

–       ان هذا التيار كان متعدد المرجعيات الفكرية والسياسية ومن مدارس مختلفة منذ موفى القرن ال19 وبروز رواد التيار الاصلاحي الوطني بزعامة خير الدين باشا واحمد بن ابي الضياف ومحمد بيرم ثم الزعماء الصادقيين وقادة حركة الشباب التونسي بزعامة زيتونيين وصادقيين مثل عبد العزيز الثعالبي  وعلي باش حانبة والبشير صفر، مثلما تكشفه الصحف الصادرة بالغتين العربية والفرنسية .

–       تيار الهوية الوطنية العروبي الاسلامي تأثر طوال مسيرته بحركة الاصلاح والنهضة الفكرية والسياسية والحراك السياسي المعادي للاستعمار في تونس ودول شمال افريقيا والمشرق العربي الاسلامي ، برموزه الزيتونية والصادقية وخريجي الجامعات الاوربية ..

–       تعميم التعليم وتخصيص مساحات كبيرة في شعب العلوم الانسانية والادبية ساهم في بروز جيل من قيادات الحركة الطلابية والسياسية من بين حاملي ” مشروع ” سياسي للتغيير ، تزعمه أساسا نشطاء يساريون وقوميون في الستينات ومطلع السبعينات ثم نشطاء من الاتجاه الاسلامي منذ موفى السبعينات .

–       رموز هذه التيارات نجحت في إحداث قطيعة نسبية بين الحزب الحاكم وغالبية النشطاء في الجامعة والمؤسسات الثقافية والعلمية والحقوقية والسياسية والمجتمعية  وقد أفرز الصراع بين الطرفين نخبا من خارج المنظومة الرسمية للدولة والحزب الحاكم تحكمت  في مواقف غالبية الطلبة والاساتذة وقيادات المجتمع المدني ووسائل الاعلام .

–       أفرزت الصراعات الفكرية والسياسية بين قيادات هذه التيارات تعديلا في خطاب كثير من قياداتها ونشطائها خاصة من حيث تبني مواقف ومفاهيم كانت غريبة عن مرجعياتها الفكرية السياسية التقليدية . واصبح اغلبها يدافع عن مفاهيم مثل الدول الوطنية و التحرر الوطني والصراع مع الامبريالية والاستعمار الجديد والعدالة الاجتماعية والحريات للجميع داخل الجامعة وفي كامل البلاد .

–       الحراك الشبابي الذي تزعمه اليسار الماركسي والقومي ثم الاتجاه الاسلامي في الجامعة لم يتبن مفهوم العمل السياسي والنقابي القانوني والتعددية السياسية القانونية التي تعني التعايش مع الحزب الحاكم و النظام السياسي .

بل تكشف غالبية أدبيات حركات الشابي اليساري والقومي في الجامعة وخارجها في الستينات والسبعنيات تأثرا بمواقف حركات اليسار والقومين العرب والمقاومة الوطنية الفلسطينية واللبنانية وبينها الكفاح المسلح . وبينها من تدرب على السلاح وتخرج من جامعات في سوريا والعراق ولبنان ومصر .

–       هذا الخطاب ” الثوري ” اليساري اثر في توجهات الحراك الشابي الاسلامي اواخر السبعينات ومطلع الثمانينات ، خاصة أن المرحلة شهدت نجاح الثورة الايرانية واندلاع الثورة المسلحة الافغانية ضد الاحتلال السوفياتي . كما تطورت الحرب الاهلية في لبنان خلالها الى حروب اسرائيلية مباشرة وبالوكالة على لبنان والقيادة الفلسطينية ومقاتليها ، والى بروز قوى ثورية وطنية واسلامية لبنانية متحالفة مع القيادة الفسلطينية واخرى متحالفة مع الاحتلال الاسرئيلي وحلفائه  الدوليين .

–       برزت داخل الجامعة التونسية والاتجاه الاسلامي التونسي مبكرا حوارات فكرية شملت نقدا للمرجعيات السلفية والتجاربة الإسلامية السابقة وبينها مدرسة الاخوان المسلمين المشرقية والتيار المحافظ في الزيتونة الذي عارض التيار الاصلاحي الوطني ورموزه من الصادقيين والزيتونسين بزعامة الطاهر الحداد والطاهر والفاضل بن عاشور وعبد العزيز جعيط ..والحركة الادبية والفكرية وجمعيات الشبان المسلمين وصوت الطالب الزيتوني والتيار الوطني الاصلاحي داخل الحزب الحر الدستوري وبقية مكونات الحركة الوطنية ما بين 1920 و1956.

–       حاول الجيل المؤسس الثاني للاتجاه الاسلامي  في الجامعة وفي البلاد أن ينخرط أكثر في قضايا العصرمثل تكشفه ادبياته وووثائق المحاكمات والاستنطاقات منذ الحراك الشبابي التلمذي الطلابي الضخم لجانفي – فيفري 1981 .

وتجلى هذا الانخراط بالخصوص من خلال:

  • اولا قيادة التحركات النقابية والمطلبية في المعاهد والجامعات التونسية
  • ثانيا تنظيم تظاهرات دورية تضامنا مع حركات التحرر الوطني الفلسطينية والعربية والعالمية واحياء اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني واليوم العالم لمعاداة الامبريالية .
  • ثالثا تنظيم تظاهرات ثقافية ضخمة وطنيا وجهوية ومحليا من بينها اسبوع الجامعة .
  • رابعا تنظيم ملتقيات وندوات فكرية سياسية ونقابية دورية محلية ووطنية . وقد ساهم ذلك المسار في انفتاح المكتبة الاسلامية التونسية مبكرا على كتاب ومفكرين تحديثيين وطنيين مثل عابد الجابري ومالك بن نبي وحسن حنفي وكتاب مجلة المسلم المعاصر ..وعلى كتاب قوميين معتدلين مثل عصمت سيف الدولة وعلى ادبيات اليسار الماركسيين الجدد من غرامشي ال جورج غارودي ( قبل اسلامه )
  • خامسا اعداد دراسات ادت الى بلورة ما سمي بالاستراتيجية ووثائق التاسيس  .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *