++التطبيع بين الدول الأوربية و النهضة له انعكاسات علي ليبيا و الدول المغارببة و العربية 

مغرب نيوز* عزيزة بن عمر

تعتبر النهضة المكون الإسلامي الأول في العالم العربي الذي تقدم بطلب للحصول على تأشيرة حزب. كما يعتبر زعيمها راشد الغنوشي الشخصية الإسلامية الاولى التي أقرت بحق الشعب في اختيار من يحكمه بغض النظر عن معتقداته، حين أكد في حوار صحفي شهير سنة 1980 ” نحترم إرادة الشعب لو إختار الحزب الشيوعي ولكننا نعمل من بعد ذلك على تغيير موازين القوى بالوسائل السلمية” لتتحول شيئا فشيئا من خركة دعوية إلى حزب سياسي قوي في البلاد .

‏راشد الغنوشي : نحن نطمح لعالم يسوده #السلام و #العدالة بين الشعوب وبين الأمم، و#الديمقراطية، لذلك نسعى إلى علاقات تبادل نافع بيننا وبين كل الدول، فنحن نريد تشجيع #السلم في منطقتنا و #العالم، والتعاون في محاربة#الإرهاب وتشجيع التنمية و التبادل الحر. 
‏ولا نريد أي مشاكل مع كل الدول.

L’image contient peut-être : une personne ou plus et gratte-ciel

 

النهضة من حركة دعوية إلى حزب سياسي : 

ترى شخصيات في حركة النهضة التونسية، أن الحركة تحوّلت من حالة الإسلام السياسي إلى حالة الإسلام الديمقراطي، خصوصاً بعد المؤتمر العاشر الذي عُقد في عام 2016 وفصل بين العمل الدعوي والسياسي. كما كان من بين مخرجاته وضع الأسس الأولى لحزب سياسي مدني، مختص في العمل السياسي دون غيره، منصرف إلى التفكير في حلّ المشاكل التنموية وإدارة البلاد، بعد تحوّل “النهضة” إلى مساهم دائم في كل الحكومات التي عرفتها تونس بعد الثورة.
وتطرح هذه الاستحقاقات أسئلة صعبة على “النهضة” بشأن مآلات الانتقال إلى الإسلام الديمقراطي و الحكم و الإدارة و تطوير بناء الحركة. وبدلاً من البحث بتروٍ عن أجوبة لهذه الأسئلة التي تواجهها، وجدت الحركة نفسها منهمكة في التعاطي مع تحديات أن تكون في الحكم وتلاحق التطورات في المنطقة العربية والأفريقية، في موازاة إدراكها لحقيقة وجود قوى دولية تتابع بحذر شديد ملامح التطور الذي تشهده الحركة وتراقب عن كثب طريقة إدارتها لجملة هذه التحديات.

رافاران استقبل الغنوشي هذا العام لأنه لم يعد بإمكان فرنسا تجاهل حركة النهضة

لقاء الغنّوشي بالسياسين الفرنسيين كان على أعلى مستوى، وتناول الوضع في تونس وفي المنطقة (ليبيا والجزائر)،

و يمكن الحصول على أجوبة بشأن بعض الأسئلة التي تواجهها الحركة من خلال آخر تحركات رئيس الحركة، راشد الغنوشي، وأحدثها زيارته إلى فرنسا ولقاؤه عدداً من المسؤولين الفرنسيين،

حتى من عبّر منهم سابقاً عن مواقف مناهضة لـ”النهضة”، مثل رئيس الوزراء السابق جان بيار رافاران، الذي اعتبر قبل عام في تصريح إذاعي أن “تونس في خطر وهي بصدد الجنوح ويمكن أن تتحول إلى فضاء سياسي يستولي فيه الإسلاميون على السلطة بطريقة ديمقراطية”، مضيفاً أنه “من المُلّح تجنب حدوث سيناريو مماثل”. غير أن رافاران استقبل الغنوشي هذا العام بكل حفاوة، لأنه “لم يعد بإمكان فرنسا تجاهل حركة النهضة بعد الآن، خصوصاً مع إمكانية فوزها بالانتخابات التشريعية المقبلة (مقررة في أكتوبر المقبل)” على حد ما ورد على موقع “أفريك إنتليجينس”.

و أكد الغنوشي للفرنسيين ما يقوله لكل الأطراف الأجنبية المهتمة بالشأن التونسي، من أن البلاد نجحت في “المصادقة على دستور تقدمي، ديمقراطي، توافقي، وحداثي يحترم هوية الشعب، نابع من رؤية استشرافية لتونس في المستقبل يحفظ حقوق التونسيين وحرياتهم ويؤسس لدولة القانون والمواطنة والمساواة”.

كما أشار، خلال محاضرة قدمها أمام عدد من المفكرين الفرنسيين، إلى أن تونس “تمكنت من تشكيل مؤسسات وهيئات دستورية مستقلة مثل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وهيئة مكافحة الفساد وهيئة مكافحة التعذيب، وغيرها من الهيئات، وسنّ جيل جديد من التشريعات والقوانين على أرضية الدستور الجديد عزّزت حقوق التونسيات والتونسيين وحرياتهم مثل حرية التنظّم في جمعيات وأحزاب وحرية التعبير وحرية الإعلام واستقلاليته وقوانين تجرّم العنف ضد المرأة وقوانين ضد التمييز العنصري”.

ولفت إلى أنه تم “تنظيم انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في 2011 ثم الانتخابات التشريعية والرئاسية في 2014 والانتخابات المحلية في ماي 2018 والبلاد تستعد الآن لتنظيم تشريعيات ورئاسيات أواخر العام الحالي، فضلاً عن تركيز الحكم المحلي بانتخاب أكثر من سبعة آلاف عضو مجلس بلدي جديد في إطار تنزيل الباب السابع من الدستور وتعزيز اللامركزية والديمقراطية التشاركية والشعبية”. وبالنسبة إلى الغنوشي فإن “هذا النجاح لم يكن صدفة، ولكنه كان نتيجة لخيارات تم اتباعها من قبل الفاعلين السياسيين التونسيين وفي مقدمتهم النهضة.

“.https://www.facebook.com/rached.ghannoushi/videos/447293526020189/

وشدّد الغنوشي على انتهاج حركته “مبدأ التوافق كأساس لمعالجة الخلافات، وتشكيل حكومة مع أحزاب علمانية، والتمسك بهذا المبدأ ليشمل كل فضاءات الشأن العام ويضم إسلاميين وعلمانيين وقديماً وجديداً، بديلاً عن منطق الإقصاء والاستقطاب الذي ساد في تجارب مماثلة فتعثرت”. هذه المواقف للغنوشي رأى مراقبون أنها تحمل رسائل مهمة للغرب عموماً، ومحورها تطمينات على المسار الذي تتجه فيه الحركة إلى حزب ينتهج الواقعية السياسية في تعامله مع الفرقاء المحليين، ويحرص على مدنية الدولة ولا يخاف طرح قضاياها الكبرى والبحث عن مناطق مشتركة لا تتعارض مع التطورات التي تشهدها البلاد.


النهضة تدرك بلا شك أن بقاءها في المشهد رهن تحقيق استقرار اجتماعي و سياسي


في الوقت عينه، يبدو أن أهم شركاء تونس، فرنسا و ألمانيا و إيطاليا، بدأت تتعامل مع النهضة على أساس أنها معطى ثابت في المشهد السياسي والنسيج الاجتماعي التونسي، خصوصاً بعد فوزها الأخير في الانتخابات البلدية، وفي ضوء ما تقدمه الاستطلاعات من تفوقها الممكن في الانتخابات التشريعية المقبلة. أي أن “النهضة” أصبحت شريكاً ضرورياً، اقتصادياً تحديداً، ولم يعد بالإمكان تجاوزه أو العمل على تحييده، على عكس قوى عربية تحاول الإلقاء بثقلها في المشهد التونسي بغاية إقصائها. وعلاوة على هذه القوى الأوروبية، تنضم قوى غربية عديدة أخرى، على رأسها الولايات المتحدة، لبحث وتمحيص عملية الانتقال إلى الإسلام الديمقراطي الذي يتحدث عنه الغنوشي، لأنه قد يشكل مثالاً وحلاً لمعضلات كثيرة في المنطقة العربية الاسلامية.

الغنوشي في ألمانيا: النهضة متمسكة بالتوافق بين الإسلاميين و العلمانيين

منهم وزير الخارجية : الغنوشي يلتقي 8 من كبار مسؤولي ألمانيا

ففي ال23 من فيفري 2019 أدى راشد الغنوشي مرفوقا بعدد من كوادر النهضة زيارة إلى دولة ألمانيا التقى فيها بعديد الشخضيات الألمان أبرزها لقاء مع وزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور نيلز أنان وكبير مستشاري أنجيلا ميركل للشؤون الخارجية يان هاكر.

و قد أعرب المسؤولين الألمان عن إعجابهم بتجربة الإنتقال الديمقراطي في تونس التي صنعت الإستثناء في دول الربيع العربي” و عن” إعجابهم بتجربة حركة النهضة والدور الذي لعبته في إنجاح التجربة والمحافظة عليها” وبأنهم “أكدوا أهمية ما تقدم تونس كنموذج تتوافق فيه الديمقراطية مع الإسلام وحقوق الإنسان بعكس القراءات المتطرفة للإسلام والتي تربطه بالعنف والتشدد”.

بدوره رئيس النهضة راشد الغنوشي دعا” الحكومة الألمانية إلى زيادة و تكثيف هذا الدعم خاصة بتشجيع الشركات الألمانية على الإستثمار في تونس و توثيق العلاقة بين المؤسسات الجامعية الألمانية و التونسية خاصة عن طريق توفير منح دراسية للطلبة التونسيين”.

https://www.facebook.com/rached.ghannoushi/videos/%D9%85%D9%84%D8%AE%D8%B5-%D8%B2%D9%8A%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D8%B0-%D8%B1%D8%A7%D8%B4%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%89-%D8%A3%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A7-%D9%81%D9%8A%D9%81%D8%B1%D9%8A-2019-/335575333814185/

 

و خلال الزيارة التقى الغنوشي كلا من وزير الدولة للشؤون الخارجية نيلز أنان وكبير مستشاري أنجيلا ميركل للشؤون الخارجية الدكتور يان هاكر  ووزيرة الدولة للتعاون الدولي فلاشبارت ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الألماني ولجنة الصداقة مع دول المغرب العربي في البرلمان الألماني ورئيسة اللجنة غابريالا هاينريخ والأعضاء النواب بيتر ستاين ورودريك كيزواتر والمدير العام لقسم الشرق الأدنى والأوسط بوزارة الخارجية فيليب أكرمان.

الغنوشي في منتدى حوار المتوسط بروما 

شارك رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي منتصف أفريل 2019  في منتدى حوار المتوسط بروما مختزلا في كلمته التي ألقاها بالمناسبة  النموذج التونسي يكمن في ثلاثة مبادئ رئيسيّة ،و هي التوافق و تقاسم السلطة و السياسات الشاملة .

و تابع قائلا ” لقد تعلّمنا من خلال تجربة الانتقال الديمقراطي المعقّدة فن بناء التوافقات.
في خضم الأزمة السياسية عام 2013، اخترنا في حركة النهضة تسليم السلطة لحكومة انتقالية محايدة، و بذلك أنقذنا بلادنا و تجربتنا من الانهيار بإصدار أحسن دستور ديمقراطي في المنطقة و تمكنا من تنظيم الانتخابات التشريعيّة و الرئاسيّة لسنة 2014.
نعتقد أنه في ظل ديمقراطية ناشئة ليس من الحكمة و لا من المناسب أن يتم استلام الحكم بناء على أغلبية انتخابية بسيطة، بل وجب العمل معا على بناء توافقات مع مختلف القوى السياسية”.

https://www.facebook.com/rached.ghannoushi/videos/298039334456847/

 كما كان للغنوشي زيارة إلى إيطاليا في أكتوبر 2016  بدعوة من لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الإيطالي، التقى خلالها بمسؤولين رسميين و كبار في الحكومة الإيطالية و أبرزهم وزير الخارجية باولو جانتيلوني لبحث سبل تطوير الدعم الإيطالي لتونس و إيجاد حلّ للأزمة الليبية، كما كان لرئيس حركة النهضة لقاء برئيسة البرلمان الإيطالي لاورا بولدريني حيث ألقى كلمة بالبرلمان. و دعا الغنوشي آنذاك وزير الخارجية إلى تكثيف علاقات التعاون بين تونس و إيطاليا و إلى الرفع من مستوى الدعم الذي تقدمه إيطاليا و أوروبا لتونس. كما تطرق اللقاء حينها إلى الوضع في ليبيا و تأثيراته السلبية على كل المنطقة ضمن مجهودات حركة النهضة و سعيها إلى تقريب وجهات النظر بين الأطراف الليبية المتنازعة و ضرورة إيجاد مدخل للحوار و التوافق بينها و إيجاد حل للأزمة التي طال أمدها.

العجمي الوريمي : النهضة أصبحت معطى ثابت في المشهد العالمي :

شدد عضو النهضة العجمي الوريمي على أن التحركات الأخيرة لكوادر النهضة تأتي في إطار ما يسمى دعما للديبلوماسبة التونسية كما أن الزيارات تعتبر “خيرا على البلاد لا على النهضة ” سيما و أنه هناك اهتمام بالتجربة التونسية و مسار الانتقال الديمقراطي ،كما ان هناك دول بدأت تتعامل مع النهضة على أساس أنها معطى ثابت في المشهد السياسي و النسيج الاجتماعي التونسي، خصوصاً بعد فوزها في الاستحقاقات الاتخابية الأخيرة  .

الغنوشي في تركيا : مراسم الافتتاح الرسمي  لجامع” تشامليجا”

شارك راشد الغنوشي في الخامس من ماي الفارط  في اسطنبول في مراسم الافتتاح الرسمي لجامع تشامليجا وهو أكبر جامع في الجمهورية التركية .
دُعي بعدها الغنوشي  إلى مأدبة عشاء ضمت رؤساء الوفود المشاركة ، حيث كان له لقاء مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تناول علاقات الأخوة والصداقة بين تونس وتركيا وسبل تعزيزها

L’image contient peut-être : 9 personnes, personnes souriantes, personnes debout, mariage et costume

 

 

أصبحت الحركة تشكل جزءا أساسيا من المشهد السياسي في البلاد فهي على خلاف بعض الأحزاب الأخرى التي تشكلت بناء على مصالح ايديولوجية ظرفية وأحيانا متناقضة، تمكنت من الحفاظ على تماسك بيتها الداخلي، بالرغم من التحديات التي واجهتها خلال السنوات الأخيرة. قد تفقد حركة النهضة دورها القيادي في السلطة، حتى  و إن اتخذت هذه القيادة في حد ذاتها بعد انتخابات سنة 2014 شكلا مختلفا؛ أي القيادة من الخلف، لكن فرضية زوال الحركة كما يفترض البعض، تبدو غير واقعية تماما؛ على الأقل ضمن السياق السياسي الحالي في البلاد. لكن السؤال الأهم هو هل يمكن أن يكون هذا الحزب قادرا على الصمود ضمن الديناميكية الحالية للمشهد السياسي التونسي؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *