نشر موقع ميديابارت الفرنسي تقريرا ذكر فيه أن هجوم اللواء المتقاعد خليفة حفتر الأخير على طرابلس أغلق الأبواب أمام أي أمل في عملية سلام بين طرفي النزاع، مشيرا إلى أنه ما زال يأمل في مستقبل على طريقة السيسي في مصر.

وأوضح أن حفتر (75 سنة) -الذي عين نفسه قائدا للجيش الليبي ويسيطر على شرق البلاد وجزء كبير من جنوبها- قد كشف للعالم بهجومه العسكري للاستيلاء على العاصمة عن طبيعته العنيفة والمتعطشة للدماء.

وبهذا الهجوم -الذي أدى إلى قتل 32 شخصا على الأقل وأكثر من خمسين جريحا ونحو ثلاثة آلاف مشرد- فإن القائد السابق للقوات الاستكشافية بجيش القذافي سحق تماما عملية سلام طويلة ومضنية تحت رعاية أممية تهدف إلى إعادة مظهر من مظاهر الاستقرار بهذا البلد الذي مزقته ثماني سنوات حرب وفوضى معممة، بحسب ميديابارت.

وقال الموقع إن جيش حفتر -الذي يبلغ قوامه 85 ألف جندي- قابله جيش حكومة الوفاق الوطني بقتال بري عنيف في هجوم مضاد سماه “بركان الغضب” وإنه تفاجأ بتوحد قوات مصراتة التي قضت عام 2016 على تنظيم الدولة في سرت، وقوات الزنتان التي توحدت كلها ضد الجيش الغازي من الشرق، وهي مصمّمة على منع تقدم هذه “القوى غير الشرعية”.

حرب استنزاف

وقال ميديابارت إن هذا البلد الذي يحلم فيه السكان بالسلام والدولة -والذي وقع بين حكومات موازية وبرلمانات وفسيفساء من القوات المحلية والقوات القبلية التي تصنعها وتحلها التحالفات والتنافس- مهدد بحريق “سيستمر لشهور وسنوات” وفق أحد المراقبين الذي يصف ذلك بأنه “تراجع رهيب، وبالتأكيد بداية حرب أهلية ثالثة في ليبيا بعد حرب عام 2011 ثم حرب عام 2014”.

قوات حفتر ليست لديها الوسائل اللازمة للاستيلاء على طرابلس، لكن لديها الوسائل اللازمة للاستقرار في ضواحي المدينة وشن حرب استنزاف وهجمات عند الحاجة

ويرى هذا المراقب الحكيم -حسب الموقع الذي لم يذكر اسمه- أن خطر التقسيم بين الشرق والغرب قائم “فأهالي الشرق هم الذين يهاجمون أبناء الغرب، هذا البعد جديد”.

وأضاف الموقع نقلا عن المراقب “قوات حفتر ليست لديها الوسائل اللازمة للاستيلاء على طرابلس، لكن لديها الوسائل اللازمة للاستقرار في ضواحي المدينة وشن حرب استنزاف وهجمات عند الحاجة، حتى يحشدوا ما يكفي من القبائل والمليشيات”.

وبهذا يكون حفتر -حسب الموقع- قد نسف سنوات من الجهود الدبلوماسية وأثار غضبا قويا ضد قوى غربية همشته قبل أن يرتدي ثوب الفضيلة خريف 2016 ويسيطر على الهلال النفطي، بل إنه يهين هذه القوى بشن هجومه بالتزامن مع زيارة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الرسمية لطرابلس وقبل أيام من المؤتمر الكبير الذي يعمل عليه المبعوث الأممي الخاص لليبيا غسان سلامة منذ شهور لاستعادة الحوار وتمهيد الطريق لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية.

 

تواطؤ غربي


وقال الموقع إن فرنسا تتحمل مسؤولية كبيرة لأنها -كما يتهمها خصوم حفتر- كانت أول من أعاد تأهيل اللواء المتقاعد أيام حكم الرئيس فرانسوا هولاند، وقالت إن حفتر يريد التفاوض رغم أنه لم يكن يرغب في التفاوض، بل يريد فقط إقامة نظام عسكري دكتاتوري يكون الزعيم الوحيد فيه.

ويضيف متخصص آخر بالأزمة الليبية “ماكرون وحكومته ارتبطوا بحفتر كثيرا” وأن ماكرون كان أول رئيس دولة غربي يضفي الشرعية على حفتر كلاعب رئيسي من خلال استقباله له بعد شهرين من انتخابه صيف 2017 حين تخيل نفسه قائدا للمصالحة في ليبيا.

وقد أثارت فرنسا غضب الإيطاليين برعايتها اجتماعا ضم لأول مرة الجهات الفاعلة الرئيسية الأربع للأزمة الليبية، وهم -حسب الموقع- أربعة أشخاص يكرهون بعضهم بعضا ولم يتحدثوا مع بعضهم أبدا: حفتر ورئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس مجلس الدولة خالد المشري. وفي ختام هذا المؤتمر الذي انتهى “باتفاق باريس” تعهدت اللجنة الرباعية “بالعمل معا” لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية قبل نهاية 2018 في موعد بدا غير واقعي للعديد من الخبراء في القضية الليبية.

وقد التقى حفتر والسراج للمرة الأخيرة نهاية فبراير/شباط في أبو ظبي، وتوصلا إلى اتفاق لتشكيل حكومة موحدة وتنظيم الانتخابات قبل نهاية 2019. إلا أنه بعد هجوم طرابلس، اتهم السراج حفتر بأنه “طعنه في الظهر مدفوعا بمصالحه الشخصية” وأنه يعمل على “تقويض العملية السياسية” من أجل “غمر البلاد في حلقة من العنف والحرب المدمرة”. 

هذا التصعيد الجديد للعنف في ليبيا يسلط الضوء، كما يقول ميديابارت، على الموقف المضطرب للقوى الأجنبية الكبرى تجاه حفتر

موقف مضطرب
هذا التصعيد الجديد للعنف في ليبيا يسلط الضوء -كما يقول ميديابارت- على الموقف المضطرب للقوى الأجنبية الكبرى تجاه حفتر، على غرار فرنسا، خاصة أن حفتر متهم في عدة شكاوى بالتعذيب والعنف وارتكاب جرائم حرب. 

ونقل الموقع عن أحد الخبراء قوله إن خطاب حفتر القائم على أنه سيطارد الإسلاميين والفاسدين يخدم الغرب بشكل جيد “إلا أننا ننسى أنه ليس حفتر هو الذي حارب داعش (تنظيم الدولة) في سرت عام 2016، بل هي مليشيا مصراتة، وننسى أن حفتر متحالف مع لواء مدخلي (سلفي)”.

ونبه على أن كراهية حفتر للإخوان المسلمين يتردد صداها في المملكة السعودية والإمارات ومصر، وهي ثلاث دول تدعمه على نطاق واسع وتزوده بأسلحة الحرب، وقبل أسبوع من اندلاع هجومه على طرابلس استقبلته السعودية. ويرى البعض أن هناك صلة بين اللقاء والهجوم، ويقول أحد المتخصصين “لقد كان له على الأقل ضوء أخضر”. 

 

المصدر : ميديابارت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *