لا ادري ان كان مضمون ما يقترحه السيد راشد الغنوشي هو زعزعة مقومات العدالة الانتقالية وذلك بالتخلى عن المحاسبة والضمانة القضائية والاستعاضة عن المسار الحالي بجبر الاضرار؟! .

يبدو من الواضح ان عمل الدوائر المتخصصة في العدالة الانتقالية – بما يتضمنه من محاسبة منتهكي النظام السابق – لا يراد له الاستمرار وهو ما تبين من افتعال الاشكالات بعد احالة عدد من القضايا على تلك الدوائر وشروعها في نظر بعضها (كقضايا شهداء الثورة وجرحاها التي كانت من نظر المحكمة العسكرية) .

وقد ظهر ذلك جليا في الحملات السياسية والإعلامية التي اثيرت اخيرا (الحملة التي رافقت تحجير السفر على وزير الداخلية السابق احمد فريعة – تعليق كتلتي حركة نداء تونس والحرة مشاركتهما في أشغال البرلمان بسبب ملف العدالة الانتقالية) ….

وفي هذا السياق تتنزل الدعوة الصادرة من رئيس حركة النهضة السيد راشد الغنوشي الى البرلمان لتبني “قانون للعفو العام عن الانتهاكات المرتكبة حال الاعتراف وكشف الحقيقة والاعتذار، على ان تتولى الدولة جبر ضرر الضحايا وعائلاتهم”(خطاب رئيس حركة النهضة في الندوة السنوية الثانية لإطارات الحركة -27 اكتوبر 2018 ) ، وهو ما يشبه قانون المصالحة الذي صدر بمقتضى القانــون الاساسي عدد 62 لسنة 2017 المؤرخ في 24 أكتوبر 2017 المتعلق بالمصالحة في المجال الإداري- ان لم يكن اكثر خطورة – لتعلقه بالانتهاكات عموما(الجسيمة وغير الجسيمة حسبما يبدو).

ولعل ما يؤكد هذا الاستنتاج هو رفض رئيس حركة النهضة ان يبقى هذا الملف ” جرحا مفتوحا نازفا بشكل يقودنا الى توريث الثارات والاحقاد” وذلك “أسوة بسيرة رسولنا واستفادة من التجارب المعاصرة للانتقال كجنوب افريقيا مع الزعيم مانديلا وإسبانيا بعد فرانكو.” ولا ادري – في ضوء ذلك – ان كان رئيس حركة النهضة يدرك تداعيات ما يقترحه من عفو عام على كافة الانتهاكات وإغلاق “ملف الجرائم والعذابات” وايقاف المسار القضائي للعدالة الانتقالية دون ان تظهراستعدادات او بوادر حقيقية من جانب الضحايا المعنيين مباشرة بهذا المسار؟!.

كما لا ادري ان كان مضمون ما يقترحه السيد راشد الغنوشي هو زعزعة مقومات العدالة الانتقالية وذلك بالتخلى عن المحاسبة والضمانة القضائية والاستعاضة عن المسار الحالي بجبر الاضرار؟! . فهل سنشهد في الافق ازمة اخرى ربما تكون اكثر حدة مما اثير عند طرح قانون المصالحة (الاداري) سيئ الذكر؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *