بقلم منية العيادي 

 

 

في الوقت الذي يأمل فيه الجميع بإنطلاقة جديدة تبشر بحلحلة الأزمة السياسية في تونس سعيا إلى انفراج الأزمات الإقتصادية و المالية و الاجتماعية التي تعصف بالبلاد منذ الإطاحة بالنظام السابق ، خاصّة في ظل الحديث عن وجود مؤشرات بمحاولات إعادة الودّ بين الحزبين الحاكمين “نداء تونس” و “النهضة” ، احتد الصراع على أوجه و زاد التصعيد بين الحزبين بعد أن فاجأ “النداء” التونسيين أمس بإصدار بيان دعا فيه إلى استعداده لتشكيل حكومة جديدة لا تضم حركة “النهضة”.  

و جاء البيان ردا على التصريحات التي أدلى بها الغنوشي، أول أمس السبت خلال الندوة السنوية الثانية لإطارات الحركة بمدينة الحمامات بشأن دور فاعل لحركة النهضة في الدبلوماسية الشعبية لصالح تونس، و تمسكها بشروط التعديل الحكومي

 

 

انتقادات 

 

و وصف البيان التصريحات الأخيرة لرئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بـ”الخطيرة”، معتبرا أنها تصريحات تكشف أن الحركة لم تبتعد عن طبيعتها غير المدنية و محاولاتها وضع يدها على مفاصل الدولة و السعي إلى تغيير إرادة الناخبين عبر فرضها شروط التحوير الوزاري المقبل كما اعتبرها تدخلا من رئيس حركة النهضة في العلاقات الديبلوماسيّة للبلاد . 

 و بعد أن صرّح المدير التنفيذي لنداء تونس في وقت سابق أن الحزب غير معني بالمشاورات حول التحوير الوزاري القادم الذي يعتبر وفق تصريح منسقها العام رضا بالحاج مخالفا للدستور و بالتحديد الفصل 92،  هاهو الديوان السياسي للحزب يعلن أمس استعداده للتشاور مع ما أسماه ” الطيف الديمقراطي التقدّمي” لتشكيل الحكومة المقبلة و طبيعة التحوير الوزاري  “دون مشاركة حركة النهضة ”  .

 

 

الجبهة الشعبية ..إلى أين ؟

 

و بعد انصهار حزب ” الإتحاد الوطني الحر” في حركة “نداء تونس” و انضمام نوابه إلى كتلة “النداء” البرلمانية رغم رفض القواعد و الإطارات المحلية و الجهوية للنداء لهذا الانصهار ، يبدو أن الوجهة المقبلة ستكون الجبهة الشعبية لتشكيل الإئتلاف الحاكم الجديد بالإضافة إلى  الأحزاب المرتدة على الشاهد و الرافضة لوجوده على رأس الحكومة منها حزب آفاق تونس و الحزب الجمهوري و حركة الشعب إلا أنّ هذه الأحزاب يبدو أنها ستكون لها شروط للدخول في هذا التحالف خاصّة مع وجود إختلاف كبير في برامجها و توجهاتها و إيديولوجياتها مع نداء تونس و الوطني الحر.

 

 

الدوران في خلقة مفرغة ؟ 

 

جدير بالذكر أن حزب نداء تونس كان قد دعا منذ مشاورات “وثيقة قرطاج 2″، إلى اجراء تحوير وزاري شامل على رأسه الشاهد ، و موقفه لم يتغير و يعتبر أن هذه الحكومة فقدت شرعيتها و لم يعد لها حزام سياسي بل أصبحت فقط مدعومة من حركة النهضة، مشددا على أن الدستور لا يسمح بتحوير وزاري، و بالتحديد الفصل 92 الذي ينص على أن ” رئيس الحكومة يختص بإحداث و تعديل و حذف الوزارات و كتابات الدولة و ضبط اختصاصاتها و صلاحياتها بعد مداولة مجلس الوزراء أو إقالة عضو أو أكثر من أعضاء الحكومة أو البت في استقالته و ذلك بالتشاور مع رئيس الجمهورية إذا تعلق الأمر بوزير الخارجية أو وزير الدفاع…”  و بالتالي فإن هذا الفصل لا يتحدث عن تحوير، مذكرا بأن التحوير الذي تمّ في حكومة الحبيب الصيد هو تحوير جزئي و أي تحوير عميق و له قيمة فهو مخالف للدستور و هو ما عارضته بعض الأطراف على غرار حركة النهضة التي دعت الى المحافظة “على الاستقرار الحكومي”.

 

 

مشروع تونس علي الخط ؟؟

 

و للاشارة فإن يوسف الشاهد يعكف خلال هذه الفترة على اجراء مشاورات مع عدد من الأطراف السياسية على غرار حركة النهضة و حركة مشروع تونس بخصوص التحوير الوزاري المرتقب و تكوين حكومته الثالثة الذي سيعتمد فيه سياسيا إلى حد الآن على حركة النهضة و كتلة الائتلاف الوطني الداعمين الأساسيين له و حركة مشروع تونس التي أعلنت مؤخرا استعداداها للمشاركة في التحوير الوزاري المرتقب و دعمها للشاهد . 

 و كانت حركة النهضة من الأطراف التي دعت إلى ضرورة الإسراع في القيام بالتحوير الوزاري و جددت دعوتها مؤخرا في بيان لها حتى تتفرغ الحكومة للاستحقاقات الوطنية و لاتخاذ الإجراءات الاقتصادية و الاجتماعية الضرورية من أجل الضغط على الأسعار و تحسين عيش المواطنين، و عبرت الحركة عن “حرصها على مواصلة الحوار و التشاور مع كافة الأطراف السياسية و الاجتماعية ودعوتها إيّاهم، للمشاركة في حكومة الائتلاف الوطني برئاسة يوسف الشاهد”، وفق ما ورد في نص البيان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *