قراءة في خطاب رئيس الجمهورية بمناسبة عيد المراة على موقع اوات مغاربية :

وتتباين مواقف المحللين من مقترح السبسي بين من يرى فيه انتصارا للمحافظين، وبين من يعتبر أن السبسي نجح في تمرير مطالب العلمانيين.

مقترح برأسين

اقترح الرئيس التونسي ، في خطابه بمناسبة اليوم الوطني للمرأة، مبادرة تشريعية تضمن المساواة في الإرث بين الرجال والنساء، مع احترام إرادة الأفراد الذين يختارون عدم العمل بالمساواة.

وأشار الرئيس التونسي إلى أنّه كان من المفروض أن يكون إقرار المساواة قد حدث منذ إصدار مجلة الأحوال الشخصية في خمسينيات القرن الماضي، مستدركا بأن القيادة السياسية آنذاك لم تكن تتوفر على مثل الدستور الحالي.

غير أن السبسي ترك الباب مفتوحا أمام اختيار العمل بالمساواة في التوريث من عدمه، وقال في هذا السياق “بما أن رئيس الدولة هو رئيس الجميع ومن واجبه التجميع أكثر من التفرقة، فإذا كان المورّث يريد تطبيق القواعد الشرعية في ورثته فله ذلك.. وإذا أراد تطبيق الدستور بحذافره فله ذلك أيضاً”.

ومسألة المساواة في الإرث، من بين أكثر المواضيع إثارة للجدل في تونس إذ خرجت السبت والإثنين على التوالي تظاهرات للتعبير عن رفض هذه المقترحات أو دعمها.

نصف انتصار للسبسي

وتختلف التقييمات بشأن من أحرز نقاطا أكثر من خصمه في هذه المعركة الطويلة التي تشق المجتمع التونسي.

وفي هذا السياق، يعتقد المحلل السياسي، مختار الدبابي بأن ” السبسي وقف في منتصف الطريق باقتراح قانون برأسين مدني وإسلامي، لأن المسألة الدينية معقدة ولم يكن قادرا على حسمها بموقف شخصي، ما دفعه لاستعادة تجربة بورقيبة في اعتماد المرحلية في اتخاذ المواقف”.

ومن منظور المحلل السياسي فإن الرئيس التونسي سعى أيضا بهذا المقترح إلى “إرضاء المنظمات المدنية التي تضغط لإقرار المساواة التامة، وهي المنظمات التي وقفت معه بقوة في انتخابات 2014، ويريدها أن تظل سندا له إذا ترشح في 2019، لكن لم يشأ أن يغامر خوفا من ردة فعل الجهة المقابلة التي لا تمثلها النهضة فحسب”.

ومن هذا المنطلق يقول الدبابي في تصريح لـ”أصوات مغاربية إن “السبسي حقق نصف انتصار، والنهضة استفادت من هذا، خاصة أن الباجي ذكرها مرارا في الخطاب ما يعكس أهميتها في المشهد السياسي بما أظهرها القوة الوحيدة في البرلمان”.

وفي الجانب الآخر، يوضح المحلل السياسي بأن النهضة لم تحقق أيضا أي انتصار في المعركة إذ “تجد نفسها ممزقة بين التزامين، الأول سبق أن قدمته للقوى الدولية وسعت فيه إلى أن تبدو تيارا مدنيا، بما يسمح لها أن تكون جزءا من الحكم، وإفشال قانون المساواة في البرلمان سيطيح بكل ما حققته من مكاسب على هذا المستوى”.

فيما يتمثل الالتزام الثاني، وفقا للمصدر ذاته بـ”الجمهور الانتخابي، ومنتسبي الحركة، الذين دأبت على إقناعهم بأنها سوف تحمي الدين، وبأنها لن تسمح بقوانين تمس من جوهر الشريعة..وبالتالي فستفقد جزءا كبيرا من ذلك الدعم لو مررت قانون المساواة في البرلمان “.

الغنوشي يكسب المعركة

رغم أن حركة النهضة لم تبد إلى الآن مواقف رسمية تناهض مبدأ المساواة في الميراث، إلا أن السبسي أشار في خطابه إلى جملة من الاحترازات التي قدمتها الحركة ضد تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة.

وفي هذا السياق، تقول الناشطة الحقوقية، رحمة الصيد إن “تصريحات بعض نواب الحركة تعبّر عن موقف رافض من النهضة لمسألة المساواة في الميراث”.

كما تشير إلى أن تظاهرة السبت الماضي، التي ضمت آلاف المحتجين ضد قرارات لجنة الحريات هي في الأصل “قواعد انتخابية للحركة”.

ومن هذا المنطلق، فإن الناشطة بجمعية “المفكرون الأحرار”، تذهب إلى أن “الغنوشي كسب معركة المساواة في الميراث، إذ يتم الاتجاه إلى العمل بنظام من رأسين في التوريث الأول مدني والثاني إسلامي”.

ومن منظور الصيد فإن “الرئيس التونسي قد تخلى عن لجنة الحريات الفردية ومقترحاتها لترضية حليفه في الحكم حركة النهضة”.

ويبرز ذلك، حسب الناشطة ذاتها، في “تخلي السبسي عن جملة من المقترحات التي تهم الحريات الفردية من بينها الحريات الجنسية وحرية الضمير، واكتفائه بالحديث عن مشروع قانون مزدوج للميراث”.

وختمت الصيد بالقول “اكتفاء السبسي بهذا المقترح، وعدم اشتغاله على تحويل جملة المقترحات التي تضمنها التقرير من بينها مسائل تتعلق بالحريات الفردية، يؤشر على أن النهضة ومن ورائها راشد العنوشي قد انتصر في هذه المعركة”.

المصدر أصوات مغاربية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *